الشورى في الإسلام طاعة لله تعالى ، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وحق للأمة المسلمة ، وواجب على الحاكم ، وهي نظام سياسي إسلامي عظيم ، وحلقة وصل بين الحاكم ورجاله . وقد ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشاور أصحابه رضي الله عنهم في الأمور التي تنزل بالمسلمين ، قال أبو هريرة رضي الله عنه : « مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مَشُورَةً لأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم » . [أخرجه الترمذي].
الشورى عبادة ، وبحث عن الحق والصواب ، ووسيلة للكشف عن المواهب والقدرات، واختبار لمعادن الرجال ، وجمع للقلوب وتأليف بينها على العلم والخير والإيمان ، وتربية للأمة ، وبناء لقواها الفكرية ، وتنسيق لجهودها ، وإفادة من كل عناصرها ، وإغلاق لأبواب الشرور والفتن والأحقاد.
والشورى إنما تكون في الأمور المباحة ، أي : التي لا نص فيها ، أما ما عرف حكمه فلا . وأن أهل العلم والفضل هم أهل الشورى والمشاورة ، وأحق الناس بها .
من هدي القرآن
قال تعالى : ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) ﴾ [آل عمران ] .
وقال تعالى : ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)﴾ (الشورى ) .
من نور النبوة
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أَسَرُوا الأُسَارَى يوم بدر ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ : « مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلاَءِ الأُسَارَى ؟ » فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلإِسْلاَمِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟» قال : لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلاَنٍ نَسِيبًا لِعُمَرَ ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، فَإِنَّ هَؤُلاَءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا ، فَأخذ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ .