مفاهيم على الطريق .. الدين والتدين .. بقلم عبد الرحمن جمعه

الدين والتدينأما الدين فهو رسالة الهداية من السماء عبر الوحي الي الأنبياء والمرسلين لتبليغها للعباد وإخراجهم من حالة الضلال والتوهان إلي حالة من الوعي بوجود الخالق الواحد الفرد الصمد .فالدين رسالة إلهية مقدسة كاملة الأركان العقيدية والتشريعية والمعاملاتية وهو النموذج المحتذي لصناعة إنسان يرضي عنه خالقه .

أما التدين فهو الممارسة البشرية للدين قد يعتريها النقصان تفريط أو زيادة غلو. المهم أنك تجد بونا شاسعا بين الدين والتدين كسب بشري ورزق من الله لأصفيائه ونبينا صلي الله عليه وسلم يعلمنا أن الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقي .

ومن الأخطاء في الفهم أن نجسد المبادئ اي الدين في أشخاص ففهم الدين من خلال حالة التجسيد للبشر أيا كانوا هو انحراف لأن البشر يخطئون ويقصرون بالتالي يظن الناس وفق هذا الفهم أن الدين نسي أمرا من أمور الحياة أو فيه تقصير لأمر ما طالما ربطنا بين الدين كمثال ونموذج وبين أفعال العباد التي تظللها حالات من الانحراف بقصد او بدون قصد وهذا فهم يأخذ بنا الي نوع من الجمود في الفكر والفهم أو ما يسمي بجبرية الفعل أو جبرية الايمان أي ليس في الإمكان أبدع مما كان وتعطلت القدرات البشرية في السعي بالتدين إلي حالة من تقترب من الدين ورفعنا الاشخاص فوق مستوي المبادئ نتيجة لعملية التجسيد وظهرت فكرة أن جيل النصر في العهد النبوي أبدع ولم يترك لللاحق ما يبدع فيه في إطار التزامه بالتدين وأعتقد أن هذا فيه نوع من التبلد والانكفاء علي وسائل جامدة في الماضي .

والخروج من هذا الفهم الضيق هو الوعي الذي يأخذ بنا للتفرقة بين المثل والمثال المبدأ وحامله والدارس لسير الأعلام والنبلاء يستطيع أن يدرك ذلك والنبي صلي الله عليه وسلم عالج مثل هذه الأخطاء من خلال الممارسات العملية للدين.

إذن القصور البشري ظاهر في التطبيق للدين فكان صلي الله عليه وسلم دائما ما يذكر أصحابه يا أبا ذر قل الحق ولو كان مرا والأكابر من عظماء الصحابة جيل فريد وهم محل القدوة لشرف صحبتهم وجهادهم ودورهم في عملية التأسيس للحضارة الاسلامية لكن ونحن نقتدي بهم نعلم جميعا أنهم بشر غير معصومين والمبادئ خالدة باقية والناس تفتقد المبدأ والفهم الصحيح والميزان الذي يعتدل من خلال الفكر والوعي .

ومن العدل ذكر المناقب والفضائل مع بيان الأخطاء والعاقل من يتعلم من الخطأ أكثر مما يتعلمه من المناقب بمنطق أن الفشل طريق الوصول للهدف والنجاح ومن يفهم غير ذلك إنما يحاول أن يسلخ جيل الصحابة من بشريتهم ففيهم من غفل ونسي وأخطا وتاب وهذا هو جوهر التجربة المؤمنة  في الحياة .

والتاريخ يجب أن يكون واعيا في عملية الرصد الصادقة لممارسات الإنسان للدين وإذ نؤمن بذلك فيتسق فهمنا مع النسق القرآني فالقران أقر ببشرية الأنبياء رغم أنهم معصومون قال تعالي “وعصي ادم ربه فغوي“. وقال تعالي  “ولقد فتنا سليمان” وقال تعالي “ولقد همت به وهم بها” وعن موسي عليه السلام “قال رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي” ثم أخبرنا ربنا عز من قائل عن محمد صلي الله عليه وسلم “عبس وتولي ان جاءه الأعمي” .

إنه منهج في الفهم والوعي والتوازن والاعتدال في التعاطي مع الحالة الجامدة للإيمان في نفس الإنسان .

لا يوجد تاريخ كله مناقب فقط ولا أخطاء فحسب ولكن العاقل من يستفيد من الخطأ قبل الصواب وهذا هو بيت القصيد

والله من وراء القصد

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بالفيديو : من رسائل الإمام البنا ( رجل العقيدة)

بالفيديو : من رسائل الإمام البنا ( رجل العقيدة)https://www.youtube.com/watch?v=3AaYkEcA1UU