العراق الجريح أسئلة انتفاضة أكتوبر فورة سريعة أم ثورة ممتدة

اندلعت، في أكتوبر الماضي، مظاهرات شعبية واسعة النطاق في بغداد والعديد من المدن الجنوبية، لم تكن التظاهرات الحالية حدثًا استثنائيًّا بحد ذاتها رغم أنها كانت الأضخم والأهم والأخطر على النظام السياسي منذ غزو العراق 2003.

ولعل من أسباب تميز التظاهرات الحالية عن سابقاتها أنها تجاوزت محدودية التظاهرات السابقة، حيث رفع المتظاهرون سقف المطالب بشكل كبير إلى إسقاط النظام بكامله، وعدم القبول بأية إصلاحات ذات طبيعة جزئية.

وقد تمحورت تساؤلات الجميع ومنهم الطبقة السياسية في العراق لاسيما الأحزاب والقوى المسلحة الموالية للحكومة حول أمرين:

– هل تريد هذه التظاهرات الوصول إلى ثورة أم انتفاضة أو طرح مجموعة من المطالب الاقتصادية والاجتماعية؟

ماذا عن سؤال العنف؟ وما هي القوى التي مثَّلت المحرك الرئيسي للتظاهرات؟

وكيف يرى الحراك سؤال التنظيم؟

وهل تكون الانتخابات بداية الطريق لتحقيق أهداف الحراك؟

أسئلة عديدة سيحاول هذا التقرير منافشتها.

غلاء المعيشة وانتشار البطالة: السر في البعد الاقتصادي:

تعاني الأغلبية من الشعب العراقي ضيق العيش، ومرارة الفقر، وسوء الخدمات التي تقدمها الدولة، رغم ثراء البلد بالذهب الأسود، ولذلك كان للبعد الاقتصادي كلمة السر في نزع فتيل الانتفاضة الأخيرة.

وفي حقيقة الأمر وينقــل لنــا تاريخ تظاهرات ما بعد 2003 في العراق أنــه كلمــا أدركــت فئات معينــة أنهــا أصبحــت مهمشة ومظلومة، ســارعت إلى التظاهر للمطالبة بحقوقها المشروعة في تقاسم الثروات الوطنية وفرص إدارة الدولة، ولذلك كان العامل الاجتماعي حاضرًا بالتوزاي مع الاقتصادي، وفكل طائفة وكل قبيلة تسعى للحفاظ على وضعها، أو التقدم خطوات للأمام، وسنشير أكثر لدور القبيلة تحديدًا في الانتفاضة الأخيرة لاحقا.

وكان البعد الاقتصادي واضحًا في الشعار الرئيسي للتظاهرات “نازل أخد حقي”، احتجاجًا على انتشار الفساد والمطالبة بمكافحته، وتردي الخدمات العامة ضرورة تحسينها، وتوفير حياة كريمة للمواطن، والتخلص من غلاء المعيشة،  وما زاد الأمر احتقانًا، هو قرار الحكومة بإزالة العشوائيات وهدم البيوت والأسواق غير النظامية أو المرخصة، بدون توفير بدائل مناسبة وكريمة، مع ضرورة توفير فرص عمل للشباب، وكذلك تقليص الامتيازات الاقتصادية للنخبة السياسية. وبحسب إحصائيات البنك الدولي، فإن وحدًا من كل 5 عراقيين يعيش تحت خطر الفقر، كما بلغت معدلات البطالة في البلاد نسبة 25 في المئة.[1]

وكان بروز ظاهرة “التوكتوك” في الاحتجاجات، أكثر تعبيرًا عن طبيعة الفئات التي قادت التظاهرات، حيث يعاني هؤلاء من الأوضاع المعيشية الصعبة، التي دفعتهم في النهاية لاستخدام وسيلة كسب رزقهم في نقل المصابين والقتلى، فل ظل تعمد الحكومة التعنت في استخدام عربات الإسعاف.

لم تهتم الحكومة بمطالب المحتجين في البداية، وقامت بقمعهم بقسوة لمدة 6 أيام دامية، فكانت النتيجة توسع نطاق التظاهرات، لذلك عندما قامت الحكومة، بتوفير 108 آلاف وظيفة للمفسوخ عقودهم، 2000 درجة وظيفية لحملة الشهادات العليا، وسكن اجتماعي للشباب وغيرها من الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية، كان الوقت قد مضى، وتحولت التظاهرات لانتفاضة ذات مطالب سياسية واضحة، تتمثل في رحيل النخبة السياسية التي صنعها الإحتلالين الأمريكي والإيراني، ناهيك عن اعتقاد سائد وسط الناس، بأن الحكومات السابقة لم تف بوعودها خلال كل الحركات الاحتجاجية السابقة، وأن هذه الوعود والقرارات هي من أجل امتصاص الغضب والتهدئة وإيقاف الاحتجاجات. فأضحت المحصلة النهائية، أن أصبح المطلب الأول للتظاهرات هو (أريد وطنًا) في ترميز واضح ومباشر بأن وطنهم سُرق منهم وأنهم فقدوا هويتهم الوطنية وكذلك الحقوق المترتبة على هذه الهوية بسبب النظام المحاصصي والطائفي القائم منذ عام 2003.[2]

أدوات متنوعة للقمع: سؤال العنف:

لم يتبني الحراك أي استخدام علني للعنف، بل أكد على سلميته مذ اليوم الأول، ورغم ذلك تعرض الحراك العراقي لحالة قمع هي الأعنف مذ سنوات، أدت لمقتل واعتقال المئات ، واصابة ما يزيد عن 25 ألف مواطن، وهو رقم كبير جدا، ربما يتجاوز العنف الذي تعرضت له الطائفة السنية الأخيرة، ولذلك فكان مستغربًا استعمال الحكومة العنف بصورة كبيرة، رغم أن المتظاهرين كانوا من الطائفة الشيعية، وهناك عدة أراء في هذا الأمر، بعضها يقول، أن تفسير العنف الرسمي وغير الرسمي، بسبب اللفتات والهتافات المعارضة للوجود الإيراني، وهو ما استفز الحكومة بشدة، كما أن هناك من يقول أن الحكومة لم تستخدم العنف، بل هناك أيادي تحركها جهات خارجية أمريكية، استخدمتها في قتل المتظاهرين لاشعال الأوضاع، بعد الاتفاقية الكبيرة التي عقدتها الحكومة العراقية مع الصين، اعتمادًا على مبدأ “النفط مقابل الاستثمار”، وتتبني وسائل الإعلام الرسمية هذه الرواية.

إن غيــاب الظــروف القانونية والإنسانية وتسلُّط الأحزاب الهجينة وفاعليها المسلحين، قد ساهم في قمع التظاهرات بطريقة بالغة العنف وبالرصاص الحي والقنص المتعمد. ومنذ البداية، اعتبرت الحكومة العراقية هذه التظاهرات غير قانونية، لأنها “غير مرخصة” وبالتالي منحت الحكومة نفسها حق قمعها من قبل قوات مكافحة الشغب والفصائل المسلحة التابعة للأحزاب الحاكمة التي اجتهدت بمواجهتها بكافة الوسائل العنيفة.

وما ساهم في تعرية المتظاهرين، هو عدم وجود ظهير حزبي ورسمي لحمايتهم، لذا كانت العفوية مغامرة لم تلاقي احترامًا أو حماية من قبل السلطة والنتيجة استضعافهم وقمعهم، فالتجربة الاحتجاجية العراقية تؤكد أن السلطة لا تحمي القلَّة ولا تحترمها بل تنكِّل بها، وهي تخشى وتحترم وتتجاوز عن التظاهرات ذات الكتـل البشريـة المليونية المرخصة وغير المرخصة، فتظاهرات التيارين، الصدري والمدني، نجحت في إفقاد قوات الأمن الاتزان وبالأخص ضد تظاهرات المنطقة الخضراء وساحة التحرير، وبالتالي الإحجـام عـن قمعها.

على الجهة الأخرى، تأكــدت ســلمية التظاهرات بفعــل نوعيــة الفئــات التــي انخرطــت أكثــر فــي التظاهرات والتي ترفض بشكل قطعي ممارســة العنــف كردَّة فعل على قمع القوات الأمنية في هــذا الشــكل مــن الممارســة الاحتجاجيــة؛ إذ ضــمَّت المظاهرات فئات متعددة منهم خريجــو معاهــد وجامعــات وحملة شهادات عليا جمعهــم مطلــب الوظيفة والعمل فقط. ونظرًا إلى مســتواهم التعليمــي، ترســخ لديهــم شــعور بضرورة سلمية تظاهراتهم.

فالثورة العراقية أظهرت للقاصي والداني أنها ثورة سلمية، على الرغم من تعرّضها لاستخدام القوة العسكرية، وسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

ومؤخرًا، ظهر بشكل لافت ومريب؛ تصاعد معدلات اختطاف الناشطين من ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، إذ تستخدم جماعات مسلحة طرقًا مختلفة لاستدراج المحتجين، مرة بكمين في أزقة العاصمة بغداد، أو عبر استدراجهم عبر نساء أجيرات، أو دعوتهم للقاء بحجة توفير الدعم لحراكهم السلمي، بعضهم أفرج عنه، والبعض الآخر وجدت جثثهم فيما بعد مرمية على الطرقات، عبر شهادات بعض الناجين من عمليات الاختطاف والذين يعتصمون في ساحة التحرير ولا يستطيعون الخروج منها نتيجة تلقيهم تهديدات بالتصفية أو الاختطاف أو الملاحقة، إذ صارت ساحات الاحتجاجات الملاذ الآمن الوحيد للمشاركين في الاحتجاجات. وتتأمر جهات غير رسمية مع جهات رسمية في تنظيم عملية الاختطاف، فمع كل إطفاء للتيار الكهربائي تختطف المجاميع المسلحة عددًا كبيرًا من الناشطين..وتتجاهل السلطات العراقية التقارير الدولية التي حملتها مسؤولية عمليات الاختطاف، وفي آخر تقرير لـ”هيومن رايتس ووتش” تؤكد المنظمة أن “الحكومة تتحمل مسؤولية الحفاظ على سلامة الناس من الاستهداف وأن الحكومة خذلت مواطنيها؛ إذ سمحت للقوات المسلحة باختطاف الناس[3]“.

ونظرًا لارتفاع ظاهرة الاختطاف، فقد ندد علي السيستاني، أكبر مرجعية دينية لشيعة العراق، بظاهرة خطف المحتجين في الآونة الأخيرة ودعا القوات المسلحة إلى أن تظل مهنية وموالية للدولة وبعيدة عن النفوذ الأجنبي.[4]

الجدير بالذكر، أنه رغم تأكيد المحتجين على سلميتهم، إلا أنه تعرض العشرات من رجال الجيش والشرطة للاغتيال، وتعرضت مقار حكومية وحزبية للحرق والنهب، وينسب للقبائل العراقية جنوبي بغداد القيام بهذا الفعل، نظرًا لاتساعه ومهارة منفذيه، وهو ما يظهر أنه غير عشوائيًا.

فمع انهيار المؤسسات الحديثة، يبدو أن القبائل في العراق في طريقها للعودة بقوة، لاسيما مع تحول البلاد لدولة رخوة أكثر من أي وقت، مع ضعف الحكومة المركزية في ظل تبني نظام فيدرالي، فضلًا عن كفر المواطنين بشرعية دولة ما بعد الاستعمار، التي جردتهم من كل شىء، ولم تفي بأي شىء.

تتميز القبائل عامة، بقوة التسلسل الهرمي الخاص بها ، ورسوخ العرف، ناهيك عن مخابئ الأسلحة الضخمة، وفي هذا السياق، أصبحت القبائل مرة أخرى من بين أقوى العناصر الفاعلة في الجنوب الريفي والغني بالنفط في العراق. وقد أرسلت السلطات قوات أمنية في أواخر الشهر الماضي لاخماد التجمعات الواسعة في المدينة. لكن المقاتلين القبليين خرجوا في القوة ، وقطعوا الطرق لمنع القوات من الوصول إلى    الناصرية تفاوضوا لوقف سفك الدماء. وبالفعل تمكنوا من وقف حدة الدماء في تلك المناطق، في الوقت الذي فشل فيه السياسيين.  تدخلت الهياكل العشائرية ذات النفوذ حتى الآن لإنهاء سفك الدماء ، لكن إذا اختاروا حمل السلاح ، فإن الكثير في الجنوب يتوقعون صراعا شاملا.[5]

ونظرًا لزيادة الغضب القبلي تجاه شيوخ القبائل، فإن عودة القبائل للمشهد السياسي بقوة الفترة المقبلة، قد يكون جزء من الصقفة التي يتم اعدادها لمحاولة احتواء المشهد الاحتجاجي، والتخفيف من أضراره، في ظل اصرار الحراك على التغيير الجذري، فقد تسعى الحكومة إلى إرضاء القبائل بعروض المزيد من الوظائف أو الخدمات ، لكن ليس هناك ما يضمن استمرارهم في دعمهم لفترة طويلة.[6].

يمكن القول، أن مشهد العنف في الحراك العراقي متعدد الأطراف، فهناك المؤسسات الأمنية والعسكرية الرسمية، وهناك الأحزاب ومليشياتها المسلحة، وهناك أطراف ثالثة مسلحة مجهولة الهوية، وكل ذلك بجانب المتظاهرين في الساحات والشوارع، إلا أن دخول القبائل، سيسهم في ضبط المعادلة بعض الشىء، لاسيما في ظل ابتعاد الساحات التابعة للتيار الصدري والمدني من القتل والاستهداف كما يحدث في المناطق الأخرى، لذلك فالعنف في العراق، مهيء أكثر من أي وقت مضى، لسيناريو الحرب الأهلية الشاملة، والعنف بدون غاية أو هدف، كما أن الوضع مناسب لاستخدام العنف المحدد الذي يستهدف تحقيق مجموعة محددة من المكاسب، وهو ما تحاول القبائل فعله حاليًا.

تشتت القيادة وتعدد رؤوس الجسد: سؤال التنظيم:

يظل سؤال التنظيم أم العفوية أحد أهم ما يطرح من أسئلة، عندما يأتي الحديث عن محددات نجاح أو فشل الحركات الاحتجاجية في العالم العربي.

بدأت التظاهرات العراقية من بعد اجتماعي واقتصادي محوري تصدر مطالب المحتجين في البداية، ثم ما لبث أن تحولت لانتفاضة جذرية تنادي برحيل النخب السياسية التي تحكمت في المشهد السنوات الماضية، وقلب قواعد العملية السياسية في بغداد.

لقد تميزت الفترة بين عامي 20112019، بظهــور جيل شبابي أكثــر وطنية وعقلانيــة في فهم وسائل الديمقراطية، خرج بنحو 200 تظاهرة في كافة محافظات العراق خلال هذه الفترة. وقد بحث هذا الجيل عــن أشكال تظاهرات جديــدة للتعبير عن مطالبه، لــم تكــن مستعملة مــن قبــل؛ حيث لــم تعــد الفواعل التقليــدية، الحزبية والدينية والقومية، قادرة أن تمثل لهم خيمة إصلاحية لعلاج الفساد والانحراف الذي تمارسه الأحزاب الحاكمة، وإنمــا راهنوا على الفاعــل الشبابي غير المتحزب والمعطَّل عــن العمــل، مســتعملين أســاليب مختلفــة تتمثــل بالتظاهــرات العفوية الشبابية، عــلاوة علــى الاعتصامات الخاصة بالخريجين والمفسوخة عقودهم، والمســيرات والوقفــات الاحتجاجية.[7] وهنا نقطة البدء في فكرة استخدام التظاهرات الشبابية وسائل التواصل الاجتماعي وشبكاتها، لكي تحل محل التنظيمات السياسية والدينية، في محاولة منهم للاستفادة بعدم معرفة الأجهزة الأمنية بهم من جهة، ولضرب أهمية التنظيم كمحدد رئيسي للفعل السياسي من جهة أخرى.

ويمكن القول أن الفئات التي قادت التظاهرات في البداية كانت موزعة بين:

1- أغلبية المحتجين كانوا من الفئات الكادحة والفقيرة تتكون من العاطلين والمهمشين اجتماعيًّا.

2- أغلبية شبابية تمتاز بالحماس الثوري والفاعلية الجماهيرية والقدرة عـلى الاسـتفادة مـن وسـائل التواصل الاجتماعي؛ وهم الطليعة التي تنظم الفعاليات الاحتجاجية.

3- فئات أخرى يغلب عليها النزعة الدينية الشكلية السلوكية غير مسيسة أو مؤدلجة

4- جماعات صغيرة تنتمي إلى أحزاب شيعية إسلامية معارضة (تيار الحكمة وكتلة النصر والصدريين) ربما خرجت بشكل فردي غير ممنهج وبدون توجيه حزبي.

5- مجموعات صغيرة تنتمي لأحزاب تقليدية، منها اليساري والليبرالي والقومي، ترى انسجام شعاراتها مع عفوية الحراك الشبابي المناهضة لسياسات المحاصصة وانعدام العدالة الاجتماعية في تقسيم الثروة والسلطة من قبل الأحزاب المساندة للحكومة.[8]

ونظرًا لكون الأغلبية التي قادت التظاهرات في البداية لم تكن مسيسة، فقد رفضت شتى صور الدعم العلني من الرموز والنخب السياسية، حيث خشيت من قفزهم على أهداف انتفاضاتهم، ناهيك عن غياب الثقة بينهما.

لم يبالي المتظاهرون، بالقتل والاعتقالات والقمع، وظلوا مصرين على استكمال ثورتهم، التي جعلتهم يرفضون حتى وجود الزعيم مقتدي الصدر بين صفوفهم، رغم إعلانه تضامنه وتأييده مطالب المحتجين مذ اليوم الأول.

وتنوعت أسباب رفض المحتجين لدعم الصدر لهم، أولًا، لأنه من النخب السياسية المسئولة عن ما ألت إليه الأوضاع، رغم تصدره مذ سنوات للدفاع عن قضايا العراقيين، دون تقديم أدوار إيجابية ملموسة بالنسبة لديهم ثانيًا، لأن كتلته “سائرون” التي يقودها الصدر هي من جاءت بعادل عبدالمهدي رئيسًا للوزراء، بعد فوزها بالأغلبية التشريعية في انتخابات البرلمان[9].

الجدير بالذكر، أن طريقة تعامل الحراك في البداية مع الصدر، كانت واحدة من أبرز الانتقادات التي توجه لثوار العراق، فالصدر وتنظيمه يمكنه حماية التظاهرات وتأمينها بدلًا من تعرض المحتجين للاختطاف، والارهاب النفسي، لاسيما إذا كنا نتحدث عن غياب خبرة التنظيم لدى القيادات الشبابية، في إدارة المعارك الميدانية، وكسب انتصارات سياسية.

قرر التيار الصدري ومع بعض الأحزاب المدنية تشكيل بؤرة احتجاج موازية لبؤرة بغداد وجنوبها التي لفظتهم، وأصبحت منطقة الفرات الأوسط ومحافظة النجف، منطقة احتجاج ثانية لمعارضة السلطة، إلا أنها تمتعت بالحماية أكثر من الاحتجاجات الأخرى، وتمكن أفرادها من تجاوز خطر الاعتقال والقمع الأمني.

إن ضعف النضج لدي كثير من ثوار العراق، خيل لهم أن بإمكانهم إزاحة الرموز السياسية المتحالفة بقوى اقليمية وعالمية، بمجرد الحراك في الشارع، لذلك كان ضروري أن يتعلموا من التجربة السودانية هذا الأمر تحديدًا، فقد تمكن تجمع المهنيين؛ توسيع كتلته من خلال انضمام مجموعة من الحركات والأحزاب والنشطاء إليه، وهو ما مكنه من تشكيل إئتلاف الحرية والتغيير، الذي يتقاسم السلطة حاليًا مع العسكر، فما كان بمقدورهم تحقيق ذلك بمفردهم، حيث مكنهم التنوع من كسب المزيد من نقاط القوى، في الوقت الذي يفتقدون فيه للسلطة ووالسلاح، فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.

يتفق معظم الناس المحتجين على قضية تأمر النخب السياسية مع إيران وأمريكا، وأن لهم سبب رئيسي في مآلات الأوضاع في بغداد، إلا أن ذلك لا يعني عدم التعاون مع بعضهم، لاسيما إذا كان هناك مساحات اتفاق يمكن البناء عليها، كالمساحة مع تنظيم مقتدى الصدر. فعلى سبيل المثال، نجد أن قوى الحرية والتغيير في السودان قبلت الجلوس على طاولة التفاوض مع العسكر، رغم المذبحة التي حدثت في يونيو جراء الانقلاب العسكري، فالتغيير السلمي التدريجي المنضبط، أفضل من اليوتوبيا الجذرية التي تكون نهايتها الدماء والأشلاء.

في بغداد، إن غياب التنظيم يؤدي إلى صعوبة التحرك بأمان، ويفقد المتظاهرين المظلة التي تتحدث بإسمهم، لاسيما إذا لم يكن هناك قيادات معروفة، ولديها اتصالاتها، ولكن هناك من يحاول تعويض التنظيم بالمرجعية، التي تمنحه الشرعية في التواجد والاحتجاج والغضب، ولكن حتى تلك لم يبالي بها ثوار العراق، فعلاقتهم متوترة بصاحب المرجعية الشيعية في العراق على السيستاني، رغم خلافاته الجوهرية مع المرشد الأعلى في طهران، وعدم اتفاقه مع كثير من ثوابت المذهب الإثني عشري، وبدلًا من ترميزه كقائد لهم، أو على الأقل أحد رموز الحراك، كي يتم تأمينهم، ولكنهم لم يفعلوا ذلك.

لقد أثبتت مآلات التجارب في مصر واليمن وليبيا وسوريا فشل وبطلان نظرية كارن روس الخاصة بثورة بلا قيادات، فرغم تحمسه بحراك رجال الشارع العاديين ونجاحهم في تحقيق مكاسب سياسية كبرى، إلا أنه أغفل حجم وأهمية التنظيمات التي قادت وحمت هذا الحراك، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التي لولا وجودها في الميدان، لانفض يوم 2 فبراير في موقعة الجمل، ولهلك الثورة في اليمن أمام بطش عبدالله صالح، لولا وجود التجمع اليمني للإصلاح وباقي القبائل المليئة بالقيادات والرموز، فالثورة بدون تنظيم وقيادة، شبيه بالسيارة بدون قائد والرأس بدون عقل. [10]

إن الحراك العراقي بحاجة ماسة لضرورة مأسسته وتنظيمه، وتحويل قطاعاته لائتلاف ثورية قادرة على تنسيق الجهود بين أفراده، كي يتم كسب المزيد من المساحات السياسية، بينما حالة حرب الكل ضد الكل، ستجعل المحتجين أكبر الخاسرين. رغم أنه، لا مثيل لعزيمتهم وتضحياتهم وتحدّيهم لمليشيات القنص.

إن افتقادهم قيادة ثورية يشكل كارثة عظمى في ظل نظام شمولي دموي، يخدم أولاً مصالح إيران وأميركا وأعوانهما من العملاء العراقيين. ثم يبدو أنه ليست للمحتجين رؤية وخطة واضحة للتغيير، فبعضهم يهتف بالعلمانية والدولة المدنية وإلغاء الطائفية، في حين يكبّر ويهلل آخرون باسم مقتدى الصدر والسيستاني والمرجعية.  وبالتالي فإن هذا التشتت يضعف من نجاح الحراك، لذا إن لم تولد من رحم الثورة العراقية نخبة قادرة على بلورة رؤيةٍ تعبّر عن مطالب الشعب، وتنسيق احتجاجه وإبعاده عن فخ الحرب الطائفية التي تهدّده، وطرح استراتيجية لإعادة تشكيل النظام السياسي على أساس المواطنة، فمن الصعب زعزعة نظام يحصد أرواح أبناء الشعب بجيشه ومليشياته، العراقية منها والإيرانية، وبتواطؤ سلطاته وبرلمانييه وأحزابه، وصمت المجتمع الدولي. إلا أن الحراك قد أجمع حاليًا على أهمية الانتخابات، كوسيلة سلمية للتغيير الجذري بدلًا من الدخول في بحر الفوضي وأمواج الدماء التي تشبع منها الشعب.

الانتخابات كآلية للتغيير الجذري للنخب:

لقد تجاوز الثوار فكرة الخلط بين ما يسمح به المفهوم السياسي لجهة الحوار وحل المشكلات بالطرق السلمية، وبين الحوار مع أحزاب طائفية وعرقية نصبها المحتل من أجل تنفيذ مخططاته الغادرة وتكريس مشروعه عقودا طويلة، إذ ليس هناك أي قاسم مشترك، أعظم أو أصغر، يلتقي حوله عملاء الاحتلال والفاسدين والحرامية من جهة والثورة العراقية التي يتطلع أبناؤها الأبطال إلى استعادة الوطن بدون هؤلاء، والحفاظ عليه مستقلا وموحدا يتمتع في ظله العراقيون بالحرية والتقدّم الاقتصادي والاجتماعي من جهة أخرى[11]، هكذا يري حراك العراق الوضع، ولذلك يرفضون ترشيح أي شخصية تابعة لأحزاب السلطة، ويصرون على شخصية مستقلة غير حزبية تقود  مرحلة انتقالية لا تتجاوز عاماً واحداً، قبل الذهاب إلى حل الرئاسات الثلاث، والتوجه إلى انتخابات مبكرة، وفقاً لقانون انتخابات جديد. ولذلك رفض المحتجون كافة الأسماء التي طرحت للنقاش وأخرهم وزير التعليم العالي قصي السهيل.[12]

لقد أصبح الشعار الأساسي في الحراك حاليًا  “نريد وطنا بدونكم” و”نطالب باستقالة رئيس الوزراء القادم من باب الاحتياط.

تشتعل حاليًا معركة عض الأصابع بين أنصار الثورة وأعدائها حول تعديل قانون الانتخابات، حيث يصر المتظاهرون وكتل برلمانية تؤيدهم، أبرزها التيار الصدري، والحزب الشيوعي العراقي على اعتماد عدة دوائر انتخابية صغيرة في كل محافظة، بواقع دائرة لكل مائة ألف نسمة، واعتماد الترشيح الفردي بنسبة 100% والفائز هو من يحصل على أعلى عدد من الأصوات.

بينما، تسعى قوى سياسية أبرزها حزب الدعوة الإسلامية، والحزب الإسلامي العراقي، وهو الجناح السياسي لجماعة “الإخوان المسلمين” في العراق، وبدر، والفضيلة، وعطاء، والمجلس الأعلى، وقوى كردية إلى تعديل المادتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة، من خلال اعتبار كل محافظة من محافظات العراق دائرة انتخابية واحدة واعتماد آلية تكون فيها نصف مقاعد البرلمان للأفراد بطريقة الانتخاب المباشر والفوز لأعلى الأصوات، والخمسون بالمائة الأخرى تكون للقوائم الانتخابية الحزبية، كي لا يتهدد مستقبلهم السياسي.[13]

والجدير بالذكر، أن العراق اعتمد خلال 4 دورات انتخابية (2005 و2010 و2014 و2018) نظام التمثيل النسبي الذي كرس سطوة القوائم الحزبية الكبيرة ويعتبر كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، ونتج عن ذلك تفرد أحزاب محددة بالسلطة طيلة السنوات الماضية، وهو ما دفع المحتجين للمطالبة بقانون جديد ينهي تفرد الأحزاب وذهاب أصوات الناخبين لأشخاص لم ينتخبوهم من الأساس لكن نظام التمثيل النسبي المعتمد يعطي رئيس الحزب أو الكتلة الحق في مصادرة أصوات المرشحين عن كتله في حال لم يحصل هو على القاسم الانتخابي الذي يؤهله للفوز بمقعد انتخابي، فضلاً عن تقسيم البلاد إلى دوائر انتخابية صغيرة.[14]

سيمنح قانون الانتخابات الجديد -في حالة اقراره-، الثورة القدرة على تشكيل قواعد اللعبة السياسية في العراق، وسيقلص نفوذ الأحزاب، وسيمنح الثوار بارقة أمل، في إمكانية تحقيق تغيير جذري في المشهد السياسي، بدعم مرشحين شباب عن الثورة، وبالتالي تشكيل حكومة ثورية، تستكمل أهداف الثورة، لاسيما بعد توصل العراقيون إلى قناعةٍ أسياسية ، وهي أن الحكومة القادمة أداة بيد ملالي طهران أكثر من الحكومات السابقة، إذ لم يعد خافيا أن ممثل ملالي طهران، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، يشرف علنا على اختيار رئيس الحكومة المرتقبة وأعضائها.

ختامًا، إن الثورة في العراق بحاجة ماسة إلى تنظيم صفوفها، لأن ذلك هو السبيل الوحيد أمام مواجهة هذا التآمر الداخلي والخارجي على مشروع إحياء الربيع العربي من قلب عاصمة الخلافة العباسية، كما أنه علي الثوار عدم الانجرار لأي محاولة لاستخدام العنف، لأن ذلك سيعني نهاية الثورة، وتحول استقلال الثورة، لموردي السلاح، وستدخل بغداد في ذات النفق السوري.

إن فرص حدوث تغيير سياسي كبير في العراق بسبب هذه الاحتجاجات احتمال قائم بقوة. ومع مرور عام كامل على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة عادل عبد المهدي، باتت العملية السياسية في العراق في وضع حرج بسبب تكرار مشهد المحاصصة وإسقاطاتها على اختيار الوزارة الجديدة ثم التلكؤ في التعامل مع ملفات مهمة ورثتها من حكومات سابقة أهمها بالطبع موضوع مكافحة الفساد. فمحددات استمرار الاحتجاج قائمة، والجميع هناك يدرك أن شرعية النظام برمته على المحك، ويجب ترميمه بسرعه وإلا سينهار تمامًا، وهو مشهد شبيه بالمشهد السياسي في فلسطين عام 2005، عندما تم السماح لحماس بدخول الانتخابات، كي يتم انقاذ مشروع السلطة الفلسطينية من الإنهيار، ولذا ربما يكون السياق مواتيًا لبروز قوة سياسية وطنية وديمقراطية حقيقية في بغداد.

[1] نشوى الحفني، العنف: منعطف خطير يدير الحراك العراقي قد يقوده إلى أزمة، كتابات، 27/11/2019

https://kitabat.com/news/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81-%D9%85%D9%86%D8%B9%D8%B7%D9%81-%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%B1-%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A/

[2]التظاهرات العراقية ومستقبل النظام السياسي، مركز الجزيرة للدراسات، 13/11/2019 فارس خطاب،

http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2019/11/191113122529079.html

[3] الاختطاف والقتل.. أساليب يكشفها عراقيون في “جمهورية الخوف، نون بوست، 16/12/2019”

http://www.noonpost.com/content/35262

[4]المرجعية الشيعية تندد بظاهرة القتل وخطف المحتجين في العراق، عربي، 13/12/2019

https://www.dw.com/ar/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AC%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%AF%D8%AF-%D8%A8%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AA%D9%84-%D9%88%D8%AE%D8%B7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82/a-51655789

[5] As Iraqis protest against state, tribes make a comeback, France 24, 10l12l2019

https://amp.france24.com/en/20191210-as-iraqis-protest-against-state-tribes-make-a-comeback?fbclid=IwAR3lke8Asa0fY3VLcWNyQU9auqhX5btkw1Xh0q6nJKH6XrC6cuLDmb9Maic

[6] مرجع سابق

[7]تظاهرات العراق: سلوك اجتماعي لتغيير سلوك النظام، مركز الجزيرة للدراسات، 15/10/2019 هشام الهاشمي،

http://studies.aljazeera.net/ar/reports/2019/10/191015080122324.html

[8] هشام الهاشمي، مرجع سابق

[9] الحراك الشعبي العراقي.. أزمة المرجعيات الدينية؟، عربي، 4/10/2019

https://www.dw.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AC%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9/a-50705143

[10] “الثورة بلا قيادات”.. كيف يصل العامّة إلى سدة الحكم؟، ألتراصوت، 18/4/2017

https://www.ultrasawt.com/%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D9%84%D8%A7-%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%91%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B3%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%9F/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7-%D8%B5%D9%88%D8%AA/%D8%A3%D8%AF%D8%A8/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9?fbclid=IwAR1IXJQf2mP46muhlpPsJALuT7kKHJo863au0NQ4CYyh-ctL6twJ23LcrTU

[11]إنهم يطالبون باستقالة رئيس الوزراء العراقي القادم”، العربي الجديد، 17/12/2019 عوني القلمجي، ”

https://www.alaraby.co.uk/opinion/2019/12/16/%D8%A5%D9%86%D9%87%D9%85-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%AF%D9%85-1

[12]انتفاضة العراق: رفض ترشيح السهيل وإغلاق جسور وطرق جديدة”، 18/12/2019 براء الشمري، ”

https://www.alaraby.co.uk/politics/2019/12/18/%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%AA%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%87%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%A5%D8%BA%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%AC%D8%B3%D9%88%D8%B1-%D9%88%D8%B7%D8%B1%D9%82-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9

[13]العراق: 3 عقد تؤجل ولادة قانون الانتخابات”، العربي الجديد، 12/12/2019 محمد علي، ”

https://www.alaraby.co.uk/politics/2019/12/11/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-3-%D8%B9%D9%82%D8%AF-%D8%AA%D8%A4%D8%AC%D9%84-%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA

[14]البرلمان العراقي يخفق مجدداً في تمرير قانون جديد للانتخابات، العربي الجديد، 18/12/2019 براء الشمري، ”

https://www.alaraby.co.uk/politics/2019/12/18/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D9%8A%D9%85%D8%B1%D8%B1-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%8A%D8%AA%D8%B9%D8%AB%D8%B1-%D8%A8%D8%A3%D8%AE%D8%B1%D9%89
x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...