“الإخوان المسلمون.. الرسالة والرؤية”.. بحث للدكتور عماد الحوت

نشر الدكتور عماد الحوت مسؤول المكتب السياسي للجماعة الإسلامية بلبنان بحثا حول جماعة الإخوان المسلمين بعنوان الإخوان المسلمون.. الرسالة والرؤية.

يحاول هذا البحث إزالة حالة الالتباس التى تحكم تصورات كثير من الناس عن جماعة الإخوان المسلمين، ويبين حقيقتها ورؤيتها للعالم من حولها ومنهجيتها في التعامل مع قضاياه المختلفة.

كما يسلط البحث الضوء على البناء الفكري لجماعة الإخوان وفهمها للإسلام كنظام شامل ينتظم  شئون الحياة جميعها، ومفهومها للحكومة الإسلامية ولنظام الحكم، والوحدة الوطنية، وللشورى والتعددية السياسية، وموقفها من الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى ، ومن الأقليات، ومن قضية الإصلاح السياسي ، وموقفها من التنظيمات السرية ومن العنف والإرهاب.

وبهذا يقدم البحث – كما نتصور – صورة واضحة عن رسالة الإخوان ورؤيتهم، مجيبا على تساؤل: من نحن وما هو مشروعنا؟ ثم يحلل البحث واقع الإخوان ورؤيتهم للمستقبل.

وفي المبحث الأول يجيب البحث عن سؤال: من نحن وما هو مشروعنا؟ موضحا أن الإخوان “جزء من جماعة المسلمين وليسوا جماعة المسلمين”.

مبادئ الإخوان

ثم يتحدث عن مبادئ الإخوان التي تتمثل في: الربانية، التسامي بالنفس الإنسانية عما يغضب الله، الإيمان بالبعث والحساب والجزاء والعقاب، الاعتزاز برابطة الأخوة بين الناس جميعا، الاهتمام بدور المرأة والرجل، كشريكين في بناء المجتمع، الحرية والملكية والمشاركة، وحق الحياة والعمل والأمن لكل مواطن

القيم والمثل من ضمانات الاستقرار، ومحاربة العبث والفساد والإفساد، وحدة الأمة حقيقة  يجب السعي لتأكيدها، الجهاد سبيل الأمة نحو التحرر من الاستعمار الأجنبي.

وعلى صعيد المسار الاقتصادي يؤمن الإخوان بالمبادئ الآتية:

• ألا تكون الثروة حكرا على الأغنياء دون الفقراء .

• تحريم وتجريم الربا قطعيا في كافة المعاملات.

• تحريم الاكتناز والاحتكار.

• احترام الملكية الخاصة والفردية، التي تخدم حق المجتمع، وتلتزم شرع الله.

وتحدث هذا المبحث أيضا عن أن تنظيم الجماعة وسيلة مشروعة وأساسية وليس غاية لذاته، وعن أن عالمية الجماعة من عالمية الإسلام، وعن مشروع الجماعة الذي يتمثل في: إصلاح وبناء الفرد والأسرة والمجتمع وفق مبادئ وشريعة الإسلام، وإصلاح وبناء الدولة والحكم وفق مبادئ وشريعة الإسلام.

وأجاب عن سؤال: هل الإخوان طلاب سلطة؟ مشيرا إلى أن الإخوان رفعوا شعارًا التزموا به من خلال فهمهم للإسلام وعملهم له، هو أنهم ليسوا طلاب حكم كما يتوهم البعض، بل طلاب عدل واستقامة أيا كان من يحكمهم، وفي هذا قال الإمام الشهيد حسن البنا: “الإخوان المسلمون لا يطلبون الحكم لأنفسهم، فإن وُجد من الأمة من يستعد لحمل هذا العبء وأداء هذه الأمانة والحكم بمنهج إسلامي قرآني فهم جنوده وأنصاره”.

الحكومة الإسلامية

كما تناول مفهوم الحكومة الإسلامية موضحا أن وجود الحكومة الإسلامية عامل مهم في قيام الدولة الإسلامية لاينفك عنها، والمقصود بالحكومة الإسلامية هنا الحكومة التي تلتزم مكوناتها بالإسلام فهما وتطبيقا وتعمل على تطبيق شرع الله في كل مناحي الحياة، ومؤكدا أن الإخوان المسلمين يرفضون مبدأ فصل الدين عن الدولة أو السياسة؛ لأن الإسلام عقيدة، وتأسيس الحكومة الإسلامية عقيدة وفريضة، ويرون أن قيام حكومة إسلامية مدنية واجبٌ؛ لأن الإسلام جاء بنصوص تنظِّم العلاقات بين الأفراد والحكومة، ومجموع تلك النصوص يكوِّن دستورًا للحكم وشريعةً تحكم التصرُّفات، وإقامة حكومة إسلامية لتحقيق الاستقلال الاجتماعي بجانب الاستقلال السياسي.

ويرى الإخوان أن الحكومة الإسلامية لها قواعد ومبادئ تقوم عليها؛ من مسئولية الحاكم أمام الله، ثم الناس، ووحدة الأمة، فلها نظام واحد، هو الإسلام، واحترام إرادة الأمة، فلها الحق في مراقبة الحاكم ومحاسبته.

كذلك يعتقد الإخوان أن الحكومة الإسلامية حكومة شورى، والأمة تختار رئيس الدولة، ولها أن تعزله.

والإخوان يؤمنون بأن الأمة هي مصدر السلطات، وأن الحكومة الإسلامية ليست من نوع الحكومة الدينية كما طبقتها أوروبا في العصور الوسطى.

والإخوان يرفضون فكرة توريث الحكم أو الحكم الناتج من انقلابات عسكرية، ويصرون على تحديد مدة الحاكم، ومساءلته أمام الأمة والمحاكم مدنيًّا وجنائيًّا وسياسيًّا من خلال مجلس أو مجالس نيابية، باعتبار أن الحاكم وكيل، فإذا أخل بشروط الوكالة لابد أن يعفى من منصبه.

ويعتقد الإخوان أن الطاعة للحاكم مرتبة بإذعانه للشريعة وحكمه بالعدل، فإذا انحرف سقطت طاعته ولم يجب لأمره نفاذ، وأن للحاكم سلطات محددة يباشرها بنفسه أو عن طريق وزراء يختارهم ويكونون مسئولين أمامه سياسيًّا وجنائيًّا أمام القضاء.

ويرى الإخوان إن إقامة الدولة الإسلامية الواحدة، أو دولة الولايات الإسلامية المتحدة، أو الدولة الإسلامية العالمية التي تضم أقطار المسلمين.. دولة واحدة تخضع لقيادة واحدة، تكون مهمتها الاضطلاع برسالة الإسلام وتعزيز الوجود الإسلامي على الساحة العالمية، لا يتم إلا بالسير في المقدمات الصحيحة وهي إحياء الدولة الإسلامية ف

ي كل الأقطار الذي يصب في النهاية في تحقيق هذا الهدف الكبير.

ويؤكد الإخوان

المسلمون أن دعوة أبناء الإسلام إلى الالتزام بإسلامهم، والترقي في طريق حمل هذا الدين، والتحذير من كل ما يمس تقوى الله تعالى.. هي واجب في عنق كل مسلم، كل بحسب موقعه، وهي لون من أعظم ألوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

كما أن دعوة غير المسلمين إلى أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم إلى هذا الدين، وأن يَقْبلوه ويُقبِلُوا عليه، ويرضَوه ديناً لهم.. هي دعوة الأنبياء والرسل – عليهم الصلاة والسلام – ثم هي دعوة أتباعِ خاتم الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة.

واقع “الإخوان”

أما المبحث الثاني فتناول واقع “الإخوان المسلمون” ورؤيتهم للمستقبل، مستعرضا التحديات والمخاطر، ومنها التحدي غير المسبوق على صعيد الحركة والتنظيم، انطلاقا من المحاولات الاستئصالية التي يقوم بها حكام مسلمون ضد الجماعة وكوادرها وعناصرها وهيئاتها، ومرورا بالمواقف الدولية التي ترى في الجماعة خطرا على مصالحها، وانتهاء بالتصدعات التنظيمية التي حدثت نتيجة التحديات التي واجهتها الجماعة في أعقاب موجات الثورات العربية منذ بداية العام 2011 وحتى اليوم.

أما المصيبة الكبرى فهي ما أصاب الشعوب من بعد عن الدين، فلقد نحُّوا الإسلام ووضعوه على جانب فى خانة مهملة مع أنه هو مصدر الحياة .. والعزة .. والكرامة والقدرة والإرادة والعزم للإنسان.

وحول العقبات التي تعترض الإخوان أوضح المبحث الثاني أن “أول شئ يعترض طريق الإخوان هو الحكومات، أما العقبة الثانية فهى أن الغرب، بما لديه من تصور سلبي عن الجماعة، والعقبة الثالثة هي “الأقليات غير الإسلامية”، والتي عبر عنها البحث بالقول: ” من يخالفوننا فى العقيدة ولكنهم يعيشون معنا”، و العقبة الرابعة هى المسلمين الذين يعملون فى الحقل الإسلامى ويتخذون طرق أخرى غير طريق الجماعة وكذلك الجماعات التى ظهرت أو انسلخت عن الحركة.

وإزاء هذه العقبات يرى الإخوان أن “الأصل فى دعوتنا التربية أولا .. نحن لا نريد مؤهلات ضخمة فقط.. لكن نريد تربية عقيدية مسلمة وصحيحة أساسها التضحية فى سبيل الإسلام” و أن ” الإخوان ينهجون نهج رسول الله بتربية الشباب”.

وتساءل الباحث:  هل نستسلم لهذا الواقع ونسلم بهذا الوضع ؟! وأجاب: بالطبع لا .. لابد أن نعيد الحركة من جدي ، وفق خطة تتصف بالإيمان تأخذ فى اعتبارها الوضع القائم والظروف المحيطة، موضحا أن من الفرص التي فتحت للدعوة في أعقاب موجة الثورات المضادة للربيع العربي:

• انكشاف حقيقة المعسكر المضاد للدعوة بكل أطيافه.

• الفرز الواضح للصف الداخلي للدعوة .

• بروز تعاطف واضح محلي ودولي مع الدعاة بعدما تعرضوا له من تحديات وبعد ما قدموا من تضحيات.

وأكد أن مهمة الإخوان “عرض الفكرة الإسلامية الصحيحة على الشعب لأننا لا يمكن أن نغير بدون أغلبية شعبية فاهمة للإسلام”.

محطات الوصول

وعن محطات الوصول وطريق المستقبل، ذكر الباحث أنه في بداية التأسيس للدعوة اعتمد الإمام البنا موضحاً منهج التدرج في الخطوات فقال: “وأما التدرج والاعتماد على التربية ووضوح الخطوات في طريق الإخوان المسلمين، فذلك أنهم اعتقدوا أن كل دعوة لابد لها من مراحل ثلاث: مرحلة الدعاية والتعريف والتبشير بالفكرة وإيصالها إلى الجماهير من طبقات الشعب، ثم مرحلة التكوين وتخير الأنصار وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف من بين هؤلاء المدعوين، ثم بعد ذلك كله مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج، وكثيراً ما تسير هذه المراحل الثلاث جنباً إلى جنب نظراً لوحدة الدعوة وقوة الارتباط بينها جميعاً، فالداعي يدعو، وهو في الوقت نفسه يتخير ويربي، وهو في الوقت عينه يعمل وينفذ كذلك.

ولكن لاشك في أن الغاية الأخيرة أو النتيجة الكاملة لا تظهر إلا بعد عموم الدعاية وكثرة الأنصار، ومتانة التكوين.

وعن الحالة المنشودة قال: كثيرا ما أعلن الإخوان المسلمون أنهم يريدون عدلا يحكم الأرض، ومساواة لا تفرق بين الناس على أساس العرق أو اللون أو العقيدة. صحيح أنها حالة مثالية، لكنها هي جوهر فكرة الإخوان، التي يؤمنون كل الإيمان أنها لن تتحقق على الأرض إلا بتطبيق شريعة الإسلام.

وأوضح في النهاية أن الإخوان يتصورون أن الوصول إلى مرحلة الاستقرار والبناء يتطلب:

• مزيدا من رفع وعي الشعوب بحقوقها وواجباتها

• مزيدا من الثبات والمقاومة لكل المشروعات الانقلابية والتغريبية.

• بذل أقصى جهد لترميم الصف الداخلي

• بذل كل جهد ممكن للتعريف بالدعوة ونشر الفكرة

• إصلاح الحكومات حتى تكون إسلامية بحق

• الوصول إلى إعادةُ الكيان الدولي للأمة الإسلامية

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...