
تواصلت تبعات الزلزال الاقتصادي الذي ضرب نظام الانقلاب قبل أيام مع إعلان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن معدلات الفقر التي ارتفعت بصورة مخيفة خلال الأعوام الأخيرة، وذلك على الرغم من المحاولات المستمرة لتزييف الأوضاع وتحسين الصورة.
ويعد أبرز ما فضح نظام الانقلاب وأظهر مدى هشاشته اقتصاديا واجتماعيا، هو غياب دور الجمعيات الخيرية التي كانت تسد فجوة كبيرة بين التقصير الكبير الذي قامت به حكومات العسكر على مدار العقود الماضية، ولكن عقب الانقلاب العسكري ووضع السيسي وزبانيته أيديهم على المؤسسات الخيرية سواء التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، أو غيرها بزعم تمويلها للإرهاب.
تريليونات مهدرة
ووفقا لبيانات وزارة التخطيط في حكومة الانقلاب فإنه تم إنفاق أكثر من 1.3 تريليون جنيه على برامج الحماية الاجتماعية خلال السنوات الخمس الماضية، ولكن ذلك الإنفاق لم يؤت أي من النتائج المستهدفة، وهو ما بات واضحا للجميع مع تدني الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر.
وتزعم حكومة الانقلاب تنفيذها 8 برامج حماية اجتماعية، خلال السنوات الماضية، أبرزها (حياة كريمة، تكافل وكرامة، وبرنامج مستورة، صندوق تأمين الأسرة، وبرنامج “2 كفاية”، وبرنامج “مودة”، ونظام بطاقة الخدمات المتكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة)، إلا أنهه في مقابل ذلك واصلت معدلات الفقر ارتفاعها.
وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر ارتفاع معدلات الفقر في البلاد إلى 32.5 في المئة من عدد السكان بنهاية العام المالي 2017/ 2018، مقابل 27.8 في المئة لعام 2015/ 2016، بنسبة زيادة بلغت 4.7 بالمئة، وهي أكبر زيادة لنسبة الفقر في البلاد منذ 19 عاماً.
برامج شكلية
ووفق ما نقل موقع “عربي 21” عن الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، فإن برامج الحماية الاجتماعية التي أطلقها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ونفذتها حكومة الانقلاب، برامج شكلية من حيث الموضوع ومن حيث عدد المستفيدين منها.
وفي مقابل تلك البرامج يأتي التراجع الكبير ي معدلات الدخول مقارنة بالزيادة التي شهدتها معدلات التضخم، على مدار السنوات الماضية نتيجة البرنامج التقشفي الذي نفذه قائد الانقلاب انصياعا لصندوق النقد الدولي.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ارتفع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية خلال شهر فبراير الماضي إلى 13.9% مقابل 12.2% في شهر يناير الماضي، كما ارتفع معدل التضخم الشهري 1.8% في شهر فبراير مقارنة بشهر يناير الماضي، تأثرًا بارتفاع أسعار الخضراوات والدواجن.
تآكل الدخول
وتسببت تلك المعدلات في تآكل قيمة الدخول الحقيقية للمواطنين، قبل أن تبدأ في التراجع دون 10 في المائة مؤخرا، وهي النسبة التي شكك فيها خبراء اقتصاد، وسجل صافي الاحتياطات الأجنبية للبنك المركزي المصري، 44.351 مليار دولار في نهاية يونيو الماضي، وارتفع الدين الخارجي لمصر في نهاية 2018إلى 96.6 مليار دولار بما يعادل 35.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد الصاوي أن هذه البرامج مفروضة على مصر بحكم اتفاق صندوق النقد الدولي الذي تم توقيعه في أغسطس 2016، وحصلت مصر بموجبه على قرض قيمته 12 مليار دولار، على مدار ثلاث سنوات، موضحا أن غياب الذاتية عن هذه البرامج من قبل الحكومة المصرية، كان سببا في تنفيذها بشكل روتيني أو ورقي لكي تثبت السلطات المصرية لصندوق النقد أنها نفذت برامج حماية اجتماعية.