ما قيمة أن يجنى الإنسان ناطحات سحاب ويركب الفضاء والبحار ويبلغ القمة في الدور المادي ومع ذلك يقتل ويبغي ويظلم ويفسد كل مظاهر الجمال في الحياة بوازع من طغيان واستعراض قوة وعلم وكل ما يملك من أدوات ظنا منه أن ذلك كله من صنع يديه وهي لحظة من لحظات الغفلة واللاوعي بحقيقة الحياة والإنسان والقدرة الإلهية ويتعامل مع نفسه والناس كآلة يوضع لها الوقود فتتحرك وتعمل وتنشأ عالما من الماديات .
لكن هذا الإنسان فقد وعيه وفقد نفسه وفقد مسار حياته وفقد أجمل ما في هذا المخلوق وهو إحساسه وروحه إذ ما قيمة الحياة الحيوانية بهذا الشكل الخادع في ظل غياب الروح. فالروح هي البلسم الشافي والابتسامة على المحيا والعمل بهمة ودافعية والروح من الله يقول ربنا عز من قائل ” وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً” لذلك لا يجب الفصل بين الأخلاق والروح فالروح لا تنمو إلا في جو من القيم الروحانية السامية التي تصنع إنسانا ملائكيا فريدا لا مثيل له في حضارات الدنيا قاطبة إلا في الإسلام .
والقاعدة السلوكية في العمل هي الإحسان والإتقان لإبراز أثر الأخلاق على الروح “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ” وعندما يفقد الإنسان روحه تجده جامدا في مشاعره عابثا في نظراته متكلفا في سلامه وتحياته نمطيا في سلوكه لا يألفه الناس ولا يحبون الاستماع إلية رغم علمه ومركز وماله لأنه فاقد لأغلى ما في الإنسان وهي روحه أي فاقد لمعنى الحياة بل فاقد للوعي.
إننا نحتاج في تعاملاتنا إلى روح جديدة وبعث مشاعري في التعامل مع الآخر بالسلوك المهذب والنفس الطيبة التي تدل على عظمة صاحبها ولذلك لا تعجب عندما نعلم الصغار كلمة الأدب وأن هذا عيب حتى ينشأ عندهم استدعاء لروح ذلك المخلوق الكامنة من عالم الغيب في الفطرة النقية إلى عالم الشهود والحياة فيتربى الصغار وقد زينوا خلقتهم بأروع وأسمى الأخلاق السلوكية من الاحترام وتقدير الآخر والشكر لمن هو أهله وخدمة الآخرين بروح عالية تربطهم بموجد النعمة الله عز وجل فيغيب الفرد وتظهر أعماله الخالدة .