صفات المؤمنين وجزاء المتقين

بسم الله الرحمن الرحيم
{الم . ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ . وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ . أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }( البقرة: 1 : 5)
المعنى الإجمالي:
أولاً: وصف الله تعالى القرآن بأوصاف ثلاثة:
الوصف الأول- أنه الكتاب الكامل في كل ما اشتمل عليه من معان ومقاصد وقصص وعبر وتشريعات غير قابلة للنقض.
الوصف الثاني- أنه لا شك في كونه حقًا من عند الله، لمن أمعن النظر وأصغى بقلبه.
الوصف الثالث- أنه مصدر هداية وإرشاد للمؤمنين المتقين، الذين يتقون عذاب الله، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فهم المنتفعون به.{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }( المائدة:15 ،16)
ثانيًا: ثم أبان الله تعالى أربع صفات للمتقين الذين ينتفعون بالقرآن:
1-هم الذين يؤمنون ويصدقون بالغيبيات التي أخبر عنها القرآن من البعث والحساب والصراط والجنة والنار وغيرها، فلا يقفون عند مجرد الماديات والمحسوسات التي يدركها العقل إدراكًا قريبًا، وإنما يدركون أيضًا ما وراء المادة من عوالم أخرى كالروح والجن والملائكة، وعلى رأسها وجود الله ووحدانيته.
2- ثم يؤدون الصلاة على الوجه الأكمل بشروطها وأركانها وآدابها وخشوعها، فالصلاة بدون خشوع وتأمل في المقروء فيها وتدبر للمعاني القرآنية وخشية لله جسم بلا روح. قال تعالى:{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ }( المؤمنون: 1 ، 2 )
3- ثم ينفقون في وجوه البر والإحسان من الأموال كالزكاة والصدقة وسائر النفقات الواجبة شرعًا، فيتحقق الرخاء لجميع الناس، وتتطهر الأموال مما شابها من شبهات،{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}( التوبة:103 )
ويكتمل البناء المنشود شرعًا: بناء الفرد بالصلاة التي هي عماد الدين، وبناء المجتمع بالزكاة وتوابعها التي هي أساس التقدم ورقي الحياة وسعادة الأمة. فالآية عامة في كل غيب أخبر به الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه كائن، وعام في كل صلاة فرضا كانت أو نفلا، وعام في كل نفقة.
4- ثم إن أولئك المتقين هم الذين يصدقون بجميع ما أنزل على النّبي محمد صلّى الله عليه وسلّم وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، ويصدقون أيضًا تصديقًا جازمًا لا شك فيه بالآخرة وما تضمه من بعث الأجساد والأرواح معًا من القبور، وحساب وجزاء وميزان وصراط وجنة ونار.
وهؤلاء الموصوفون بما ذكر من الإيمان الحق بالغيب، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والاعتقاد باليوم الآخر، والإيمان بالقرآن وبالكتب المنزلة قبله (وهي التوراة والإنجيل والزبور والصحف) ، هم على نور وهداية من ربهم، وعلى منزلة عالية عند الله، وهم الفائزون بالدرجات العالية في جنات الخلود.( )

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...