شروط صحة الصلاة

علمنا فيما سبق انه للصلاة شروط وجوب ومنها ما تعرضنا لبيانه فى دروس المسألة الثانية (دخول الوقت ) ولها أيضا شروط صحة كما سبق التنويه- بين يدى المسألة الثانية وأذكركم اخوانى أن الشرط كما هو معلوم (مايلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود وليس جزء من حقيقة الشيء)ويختلف عن الركن فقط فى أن الركن جزء من حقيقة الشيء – وهذه الشروط الخاصة بصحة الصلاة خمسة على الراجح :
1 – النية (وان اعتبرها البعض من أئمتنا ركنا ولاكبير فرق تأثيرا فى الحكم )
2- الطهارة
3- ستر العورة
4 –استقبال القبلة
5 – طهارة الثوب والبدن والمكان من النجاسة
–أما شروط الوجوب التى سبق ذكرها بين يدى المسألة الثانية فلا بأس من تذكرة موجزة عن تلك الشروط ولكنها بحمد الله تعالى كافية شافية من باب المذاكرة والتأكيد قبل البدء فى هذه المسألة وشروط الصحة ولا عجب فهى من مشكاة النبوة جزى الله خيرا جامعها فى (الضياء اللامع ) حيث الفقه وبابه فيكتب فيه أدلة أغلب هذه الشروط فيقول عن (1- دليل اشتراط الاسلام للوجوب حديث (ابن عباس الثابت في الصحيحين) قال، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: إنك ستأتي قوماً أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمسُ صلواتٍ في كل يومٍ و ليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتردُ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك و كرائم أموالهم و اتقِ دعوة المظلوم فإنه ليس بينها و بين الله حجاب.- وقد سبقت الاشارة الى وجه الدلالة فى هذا الحديث الصحيح فى بداية الكلام عن شرط دخول الوقت بالمسألة الثانية .
2- وعن دليل اشتراط التمييز (حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: مروا أولادكم بالصلاة و هم أبناء سبع سنين و اضربوهم عليها و هم أبناء عشر سنين و فرقوا بينهم في المضاجع.
3- وعن دليل اشتراط العقل (حديث علي الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ و عن الصبي حتى يحتلم و عن المجنون حتى يُفيق. وهنا وفى هذه المسألة حيث الكلام عن شروط الصحة المشار اليها بالذكر عاليه وهذا أولها
1- النية:فهى شرط صحة عند البعض وركن عند البعض الآخر كما سيأتى
قال تعالى: (وَمَآ أُمِرُوَاْ إِلاّ لِيَعْبُدُواْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَآءَ) – وحديث الفاروق عمر الثابت في الصحيحين) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)
2- استقبال القبلة: أيضا من شروط الصحة : والدليل من كتاب الله وفى سياق القصة المشهورة بتحويل القبلة وما فيها من دروس وفوائد متنوعة قال تعالى :(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)
ومن السنة عن تلك القصة وشرط استقبال القبلة مارواه البخارى رحمه الله عن البراء بن عازب “أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده -أو قال: أخواله- من الأنصار، وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرًا -أو سبعة عشرًا شهرًا- وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبل البيت، وأنه أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد باللَّه لقد صليت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قِبل مكة. فداروا كما هم قِبل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك. قال البراء في حديثه هذا: أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله -عز وجل-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكمْ) (4) ” عن عبد الله بن عمر قال: “بينا الناس بقباء إذ جاءهم آت، فقال: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة”.وروى مسلم رحمه الله عن أنس بن مالك “أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} () فمر رجل من بني سلمة -وهم ركوع في صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة- فنادى: ألا إن القبلة قد حولت. فمالوا كما هم نحو القبلة”.- وروى البخارى رحمه الله عن أنس بن مالك قالَ: قالَ رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -:
“أُمِرتُ أنْ أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إلهَ إلا اللهُ، فإذا قالوها، وصلَّوا صلاتَنا، واستقبلوا قِبلتَنا، وذبَحوا ذبيحتنا، فقدْ حُرِّمت علينا دماؤهُم وأموالُهم، إلا بحقِّها، وحسابُهم على اللهِ. (وفي طريقٍ: فذلك المسلم الذي له ذمَّة الله وذمَّة رسوله) “. وها هى الدلالة الصريحة فى :
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) : وندرس فى مقامنا أيضا ما جاء فى بلوغ المرام قال المصنف رحمه الله فى بابه
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم : مَا بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ – رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ , وَقَوَّاهُ اَلْبُخَارِيُّ .
2 – وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ – رضي الله عنه – قَالَ : – رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ – مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . زَادَ اَلْبُخَارِيُّ : – يُومِئُ بِرَأْسِهِ , وَلَمْ يَكُنْ يَصْنَعُهُ فِي اَلْمَكْتُوبَة- وروى البخارى عن جابر مرفوعا (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي على راحلته حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة ) قلت : والدلالة فيما سبق واضحة على اسثناء النافلة (فى السفر ) من هذا الشرط ولكن الامام ابن تيمية الجد أورد فى كتابه المنتقى ما يدل على ان ذلك الاسثتناء يجوز أيضا للفريضة فى حالة العذر فقال رحمه الله فى بابه 3-عن يعلى بن مرة : ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم والقبلة من أسفل منهم فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على راحلته فصلى بهم يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع ) رواه أحمد والترمذي وقال شارحه (الشوكانى رحمه الله ) فى النيل الحديث أخرجه أيضا النسائي والدارقطني وقال الترمذي : حديث غريب تفرد به عمرو بن الرياح وثبت ذلك عن أنس من فعله وصححه عبد الحق وحسنه النووي وضعفه البيهقي وهو يدل على ما ذهب إليه البعض من صحة صلاة الفريضة على الراحلة كما تصح في السفينة بالإجماع ويعارض هذا حديث عامر بن ربيعة الآتي –قلت يقصد الحديث المتفق عليه الذى سبق ذكره عاليه ولكنه قال رحمه الله تعليقا على ذلك (بتصرف) وقد صحح الشافعي الصلاة المفروضة على الراحلة بالشروط التي ستأتي وحكى النووي في شرح مسلم والحافظ في الفتح الإجماع على عدم جواز ترك الاستقبال في الفريضة قال الحافظ :لكن رخص فى شدة الخوف -( والحديث ) يدل على جواز صلاة الفريضة على الراحلة ولا دليل يدل على اعتبار تلك الشروط إلا عمومات يصلح هذا الحديث لتخصيصها وليس في الحديث إلا ذكر عذر المطر ونداوة الأرض فالظاهر صحة الفريضة على الراحلة في السفر لمن حصل له مثل هذا العذر وإن لم يكن في هودج إلا أن يمنع من ذلك إجماع ولا إجماع فقد روى الترمذي في جامعه عن أحمد وإسحاق أنهما يقولان بجواز الفريضة على الراحلة إذا لم يجد موضعا يؤدي فيه الفريضة نازلا .- الى أن قال رحمه الله عن النفى الوارد فى حديث عامر ونفي فعل ذلك في المكتوبة وإن كان ثابتا في الصحيحين وغيرهما لكن غاية ما فيه أنه أخبرنا النافي بما علم وعدم علمه لا يستلزم العدم فالواجب علينا العمل بخبر من أخبرنا بشرع لم يعلمه غيره لأن من علم حجة على من لا يعلم وكثيرا ما يرجح أهل الحديث ما في الصحيحين على ما في غيرهما في مثل هذه الصورة وهو غلط أوقع في مثله الجمود فليكن منك هذا على ذكر

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...