{ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً }

قال تعالى { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً }
غض البصر في اللغة ”
1ـ قال الشوكاني : إطباق الجفن على العين بحيث تمتنع الرؤية ومنه قول جرير :
فغض الطرف إنك من نمير *** فلا كعبا بلغت ولا كلابا

ومن في قوله ( من أبصارهم ) هي التبعيضية وإليه ذهب الأكثرون وبينوه بأن المعنى غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل وقيل وجه التبعيض أنه يعض للناضر أول نظرة تقع من غير قصد ، وقال الأخفش إنها زائدة وأنكر ذلك سيبويه ، وقيل إنها لبيان الجنس قاله أبو البقاء واعترض عليه بأنه لم يتقدم مبهم يكون مفسرا بمن ، وقيل إنها لابتداء الغاية قاله ابن عطية .
2ـ وقيل الغض : النقصان يقال غض فلان من فلان أي وضع منه فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو مغضوض منه ومنقوص فتكون من صلة للغض وليست لمعنى من تلك المعاني الأربعة . ا.هـ فتح القدير 4 / 22
أنواع غض البصر في الشريعة :
قال ابن تيمية : والله سبحانه قد أمر فى كتابه بغض البصر وهو نوعان :
1ـ غض البصر عن العورة .
2ـ وغضه عن محل الشهوة . فالأول كغض الرجل بصره عن عورة غيره 000 وأما النوع الثاني من النظر كالنظر إلى الزينة الباطنة من المرأة الأجنبية فهذا أشد من الأول كما أن الخمر أشد من الميتة والدم ولحم الخنزير وعلى صاحبها الحد وتلك المحرمات إذا تناولها مستحلا لها كان عليه التعزير لأن هذه المحرمات لا تشتهيها النفوس كما تشتهى الخمر. ا.هـ مجموع الفتاوى 15 / 414
3ـ غض البصر عن بيوت الناس :
قال ابن القيم : ومن النظر الحرام النظر إلى العورات وهي قسمان :عورة وراء الثياب ،وعورة وراء الأبواب . ا.هـ مدارج السالكين ج : 1 ص : 117
وقال ابن تيمية :
وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان ، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التى على البدن ، كما جمع بين اللباسين فى قوله تعالى { والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم } فكل منهما وقاية من الأذى الذى يكون سموما مؤذيا كالحر والشمس والبرد وما يكون من بنى آدم من النظر بالعين واليد وغير ذلك . ا.هـ مجموع الفتاوى 15/ 379
أحكام النظر :
تتعلق بالنظر الأحكام التكليفية الخمسة على ما بينه العلامة ابن القيم وذكر لكل حكم بعض الأمثلة قال :
1] أما النظر الواجب : فالنظر في المصحف وكتب العلم عند تعين تعلم الواجب منها ، والنظر إذا تعين لتمييز الحلال من الحرام في الإعيان التي يأكلها أو ينفقها أو يستمتع بها والأمانات التي يؤديها إلى أربابها ليميز بينها ونحو ذلك .
2] والنظر الحرام : النظر إلى الأجنبيات بشهوة مطلقا وبغيرها إلا لحاجة كنظر الخاطب والمستام والمعامل والشاهد والحاكم والطبيب وذي المحرم .
3] والمستحب : النظر في كتب العلم والدين التي يزداد بها الرجل إيمانا وعلما ، والنظر في المصحف ووجوه العلماء الصالحين والوالدين ، والنظر في آيات الله المشهودة ليستدل بها على توحيده ومعرفته وحكمته .
4] والمكروه : فضول النظر الذي لا مصلحة فيه فإن له فضولا كما للسان فضولا وكم قاد فضولها إلى فضول عز التلخص منها وأعيى دواؤها ، وقال بعض السلف : كانوا يكرهون فضول النظر كما يكرهون فضول الكلام .
5] والمباح : النظر الذي لا مضرة فيه في العاجل والآجل ولا منفعة . ا.هـ مدارج السالكين ج: 1 ص: 117
• مسألة هامة :
تحريم النظر عند خوف الفتنة أو كان النظر لشهوة وإن كان أصله مباحاً :
قال ابن تيمية : وكذلك المرأة مع المرأة ، وكذلك محارم المرأة مثل ابن زوجها وابنه وابن أخيها وإبن أختها ومملوكها عند من يجعله محرما متى كان يخاف عليه الفتنة أو عليها توجه الاحتجاب بل وجب .
وقال : والنظر إلى وجه الأمرد لشهوة كالنظر إلى وجه ذوات المحارم والمرأة الأجنبية بالشهوة سواء كانت الشهوة شهوة الوطء أو شهوة التلذذ بالنظر فلو نظر إلى أمه وأخته وابنته يتلذذ بالنظر إليها كما يتلذذ بالنظر إلى وجه المرأة الأجنبية كان هذا حرام فكذلك النظر إلى وجه الأمرد باتفاق الأئمة . مجموع الفتاوى 15 / 377 ، 21 /246

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...