أخلاق الحبيب

1

قال عمر -رضي الله عنه-: “لأقولن شيئًا يُضحك النبي ﷺ”.
علّق ابن حجر في فتح الباري:
“فيه استحباب من رأى صاحبه مهمومًا أن يُحدّثه بما يُزيل همّه ويطيب نفسه”
________________________________________
عن جابرِ بن سمرة قال: “صليتُ مع رسول الله ﷺ صلاة الأولى، ثُمَّ خرجَ إلى أهلهِ وخرجتُ معه، فاستقبله ولدانٌ، فجعلَ يمسحُ خَدَّيْ أحدِهم واحدًا واحدًا،
قال: وأمَّا أنا فمسح خَدِّي، قال: فوجدتُ ليدهِ بردًا أو ريحًا كأنَّما أخرجَها من جُؤْنَةِ عطَّار”. رواهُ مسلم.
هذا من حنانهِ ﷺ، وتواضعه، وتلطُفه، وحُسن تعامله مع النَّاس،
وهذا لا ينساه الصغارُ أبدًا، خاصّة من القادة، وفي صحيح البُخاري:
قال: ابن الزبير لابن جعفر -رضي الله عنهم- أتذكرُ إذ تلقَّيْنا رسول الله ﷺ أنا وأنت، وابنُ عباس قال: «نعم فحملنا وتركك».
فاعتنوا بهذا جزاكم اللهُ خيرًا.
د. رقيّة المحارب
________________________________________
عن أنس بن مالك قال: نظر رسول الله ﷺ إلى أُحد فقال: “إنَّ أُحدًا جبلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّه”. رواه مسلم.
الذي عند الناس أنَّ أُحدًا جبل هُزم عنده النبي ﷺ، فالمتبادر إلى النفس التشاؤم والحزن، فقال النبي ﷺ هذا تفاؤلًا، ويُبيّن أنَّ أُحدًا لا دخل له.
فإذا فعل النبي ﷺ هذا مع الجماد، ومع الحيوان، فكيف ترين تعامله مع المؤمنين؟
وكيف ترين تعامله مع أهله؟
ومع أفاضل أهله؟
د. رقية المحارب.
________________________________________
عن جابر -رضي الله عنه- أنّ النبيّ ﷺ سأل أهله الأُدمَ فقالوا:
ما عِندنَا إلا خلٌّ، فدَعا بهِ فجعل يأكلُ ويقول: “نِعْمَ الأُدْمُ الخلُّ، نِعْمَ الأُدْمُ الخلُّ”.رواهُ مسلم.
-من هدي النبي ﷺ أنّه إذا أعجبه الطعام أثنى عليه، وهذا من سُنّته ﷺ.
ش. ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين.
-وقوله ﷺ ذلك ليس معناه أنّه أفضل الطعام، وإنّما هو من باب المواساة لمن أعطاه، وللنفس.
وهناك نقطة مهمّة:
الناس إذا مدحتَ الطعام قبل الأكل استشرفت له نفوسهم، وإذا ذممته؛ فإنّهم يتقذّرونه ولو كانوا يُحبّونه.
د. رقيّة المحارب.
________________________________________
عن أبي هريرة -رضي الله عنه -قال:” قبّل النبي ﷺ الحسن بن علي رضي الله عنهما، وعندهُ الأقرع بن حابس، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله ﷺ فقال: “من لا يَرحم لا يُرحم” [٥٩٩٦] صحيح البخاري.
ففي هذا دليلٌ على أنه ينبغي للإنسان أن يستعمل الرحمة في معاملة الصغار ونحوهم، وأنه ينبغي للإنسان أن يقبّل أبناءه، وأبناء بناته، وأبناء أبنائه، يقبلهم رحمة بهم، واقتداءً برسول الله ﷺ
أما ما يفعله بعض الناس من الجفاء والغلظة بالنسبة للصبيان، فهذا خلاف السنة وخلاف الرحمة.
*شرح رياض الصالحين -بتصرّف-.
________________________________________
عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله ﷺ كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله ﷺ ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها. صحيح البخاري.
وهذا من لطفه ﷺ فأين هذا الخلق من أخلاقنا اليوم؟
الآن لو يجد الإنسان صبيه في المسجد أخرجه فضلاً عن كونه يحمله في الصلاة، ففي هذا وأمثاله دليلٌ على أنه ينبغي للإنسان أن يرحم الصغار، ويلطف بهم، وأن ذلك سبب لرحمة الله عزّ وجلّ، نسأل الله أن يعمنا وإياكم برحمته ولطفه وإحسانه.
ش/ ابن عثيمين رحمه الله -بتصرّف-
________________________________________
يستحب للإنسان إذا رأى أحداً حزيناً أن يسأله عن ذلك، فالنبي ﷺ كان يسأل من يلقى من أصحابه إذا كان حزيناً أو مهموماً، فربما كانت له حاجة فيقوم بقضائها أو هم يقوم بتفريجه أو كربة يقوم بتفريجها
ولا يقوم بذلك إلا غني الخُلق عظيم الكرم في الأدب كما كان رسول الله ﷺ.
تعليق الشيخ الطريفي على سنن ابن ماجه.
________________________________________
كان النبي ﷺ يخطب على جذع، فلما وُضع له المنبر وترك الجذع سُمع حنين الجذع له!
نزل فضمّه حتى سكن.
يُسن ضم المحزون زوجة وولداً وبهيمة، أولى من الجماد.
________________________________________
عن أنسٍ رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله أين أبي قال “في النار” فلما قفى دعاه فقال: “إن أبي وأباك في النار” صحيح مسلم.
هو من حسن العشرة للتسلية بالاشتراك في المصيبة؛
ونجد ذلك أيضاً في حديث عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك، إذ قالت:
(…فبينا هما جالسان عندي، وأنا أبكي، إذ استأذنت امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي)
فالمواساة رباط اجتماعي وثيق ولا ينسى الإنسان من يواسيه.
فاعتنوا بذلك رعاكم الله.
________________________________________
في قصّة إيذان النبي ﷺ بتوبة الله على كعب بن مالك:
قال كعب: “وانطلقتُ إلى رسول الله ﷺ فتلقاني الناس فوجًا فوجًا، يُهنّوني بالتوبة،
يقولون: لتهنكَ توبةُ الله عليك!
قال كعب: حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله ﷺ جالس حوله الناس، فقام إليّ طلحةُ بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهناني، والله ما قام إليّ رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة”. صحيحُ البُخاري.
فإذا بُشّر أحد إخوانك بخير فتفاعل مباشرة وأظهر سعدك، ولن ينساها لك.
________________________________________
من الآداب النبوية اللطيفة، التي تترك أثرًا عظيمًا في نفس السامع؛ الدعاء له ولوالديه بالخير.
تأمل دعوة نبيك ﷺ:
“اللهم اغفر لحذيفة وأُمِّه”.
________________________________________
يستحب التبسم عند تلاقي النظر.
ففي الصحيحين عن جرير في وصف رسول الله ﷺ: {ولا رآني إلا تبسم في وجهي}
________________________________________
كان رسول الله ﷺ سهلاً ليناً في التعامل مع زوجته، فإذا هويت شيئاً لا محذور فيه تابعها عليه.
عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- في وصف حجة رسول الله ﷺ أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيتِ حتى حججت) قال جابر: (وكان رسول الله ﷺ رجلاً سهلاً، إذا هويت الشيء تابعها عليه)
رواه مسلم [١٢١٣] “رجلاً سهلاً” أي سهل الخلق، كريم الشمائل، لطيفاً ميسراً في الخلق، كما قال الله تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)
________________________________________
عن المقدام بن معديكرب عن النبي ﷺ قال: (إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه) ٥١٢٦/صحيح -أبو داوُد.
حتى يفرح ويأنس به.
________________________________________
عن عبد الله بن عمرو قال ما رُئي رسول الله ﷺ يأكل متكئا قط ولا يطأ عقبه رجلان. ٣٧٧٢/صحيح -أبو داوُد
أي لا يمشي قدام القوم، بل يمشي في وسط الجمع أو في آخرهم تواضعاً.
والنبي ﷺ كان معلماً،
وفي هذا لطافة أن المعلم والمربي إذا مشى مع طلابه أن يجعلهم عن يمينه أو يكون وسطهم فذلك أبلغ أثرا في النفوس وآنس لهم.
القرب والحنو من الناس وتعليمهم بالعاطفة والرحمة، هكذا كان هدي نبيكم ﷺ.
أ.د/ رقية المحارب.
________________________________________
دعا رسول الله ﷺ لأنس فقال: “اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته”.رواه مسلم.
قال النووي: فيه هذا الأدب البديع وهو أنه إذا دعا بشيء له تعلق بالدُّنيا ينبغي أن يضم إلى دعائه طلب البرَكة فيه والصيانة.
________________________________________
عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله ﷺ قال: (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف) ٤٨٠٩/صحيح -أبو داوُد
وهذا من جانبين:
الأول الأجر، والثاني أثر الرفق؛ فإن الرفق يؤثر ما لا يؤثر العنف وهذا هدي النبي ﷺ فإنه كان إذا أراد أمراً يقول لو أنكم فعلتم كذا وكذا وهذا ألطف.
د. رقية المحارب.
________________________________________
في قوله ﷺ: “كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة”. رواه مسلم.
قال النووي: هذا فيه استحباب الثناء على الشجعان، وسائر أهل الفضائل، لا سيما عند صنيعهم الجميل؛ لما فيه من الترغيب لهم، ولغيرهم في الإكثار من ذلك الجميل، وهذا كله في حق من يأمن الفتنة عليه بإعجاب، ونحوه.
وقال أ. د. علي الصياح:
من طرق إدخال السرور والسعادة على من حولك أسلوب (التشجيع والتحفيز والثناء) فهل جربت ذلك؟
وقد كان نبينا ﷺ يستخدمه كثيرًا، كقوله لأشـج عبد القيس: “إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة” رواه مسلم.
________________________________________
يُستحبُ للإنسان إذا سَار أو حدّثَ إنسانًا أن يأخذ بيده.
ولهذا النبي -صلى الله عليه وسلم -” نادى أُبيّ بن كعب وهو يُصلي، فلمّا فرغ من صلاته لَحِقَه، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يَدَه على يَدِه، وهو يُريد أن يخرج من باب المسجد “.
فهو أقربُ للود وأرعى لِسمع الإنسان.
تعليق الشيخ عبد العزيز الطريفي على الموطأ.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...