الإسلام قادر على احتواء تطورات الحياة .. بقلم: عبدالله أمين

هل رأيت حركة الحياة …! إنها لا تتوقف عند صورة واحدة، ولا عند حركة ثابتة، بل هي دائمة التغير، وفى تطور مستمر.

لا أعنى دوران الليل والنهار، ولا حركة الأيام والسنين، لكنى أعنى أن الحياة في حركة دؤوب … تنمو لا تتوقف، ولا يصبها تعطل ولا ركود، وتأتى مهمة الإنسان كخليفة لله في أرضه، يبذل جهده لتنمو على صفحتها الحياة. وهي بذلك بحاجة إلى خطة أو منهج يساير نموها، ويواكب تطورها، ويستوعب تتابع الأحداث معها.

وهل تجد ذلك إلا في دين الإسلام، الذي جعله الله دينا شموليا يغطى كل احتياجات الإنسان، بل كل احتياجات العالمين.

الإسلام هو ذلك الدين الخاتم، الذي منحه الله للإنسان بعد أن بلغ تمام رشده، هو الدين الذي قال الله تعالى عنه:﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً (3) ﴾المائدة.

جاء رجل من اليهود إلى عمر رضى الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلت معشر اليهود، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. فقال عمر رضى الله عنه: (وأي آية)؟ قال اليهودي:﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ وذكر الآية. فقال عمر: “إني لأعلم اليوم الذي أنزلت فيه، والمكان الذي أنزلت … نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة يوم الجمعة“. رواه مسلم واللفظ له.

معطيات هذه الآية:

  • تتضمن توحيد المصدر، فالذي أكمل الدين بقضايا العقيدة والعبادة والتشريع هو الله والذي أتم به النعمة هو الله … والذي رضيه لنا على طول الزمان هو الله جل جلاله.

  • وتشير إلى أنه الدين الخالد الباقي ما بقي الزمان، وصورته تلك هي الصورة الأخيرة، ولا يعتريها تحريف ولا تبديل بحفظ الله ومن أراد غير ذلك أو سعى إليه رفض منه، قال جل شأنه:﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) ﴾آل عمران.

  • وفيها أن الدين له طبيعة شمولية عالمية، وهو بهذه الخاصية يسمح للحياة أن ترقى وتأخذ كل أطوارها: علميا واقتصاديا واجتماعيا، وكل ذلك في إطاره لا يتعداه.

  • وهذا يعنى أن كل تغير طرأ، أو يطرأ، وأن كل تطور وقع أو يقع، هو في إطاره، محسوب له حسابه عند الله جلت حكمته، فهو بكل شيء عليم:﴿ وما قدروا الله حق قدره ﴾الأنعام؛﴿ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3) ﴾سبأ.

لم واجه الإسلام أعقد المشاكل؟

للإجابة على هذا قيل: إن عمر هذه الأمة طويل بطول الزمان حتى قيام الساعة، والمتغيرات سريعة وقوية، يحار العقل البشرى في مواجهتها، والناس يدورون في البحث هنا وهناك عن حل فلا يجدون، ولكنهم لو عادوا للإسلام لوجدوا. إذن طول الزمان بالحياة سبب في تواجد المشاكل وتعقيدها، والإسلام ممتد على الساحة العالمية له تواجد في جميع القارات يفتح عقول الناس على الصواب، إنه دينٌ يملأ قلوب الناس أملا في وجه الله، ويعمل أن تسعد من حولهم الحياة.

هذا هو الدين الخاتم .. وهذه هي الأمة الخاتمة، وهذا هو نصيبه من المواجهة قال صلى الله عليه وسلم: “إنه لا نبي بعدى، ولا أمة بعدكم“.

ما الخصوصية التي جعلت الإسلام يواجه المتغيرات ويطيق حلها:

الإسلام تمكن من ذلك من محورين:

أولهما: حيويته الكامنة في إمكان ترشيده لكل بيئة أو مجتمع يحل به، لأنه قادر على صياغة الناس في الريف أو في الحضر أو سكان الصحاري ورؤوس الجبال … حتى الذين يعيشون عند القطب حيث يكون الليل نصف العام والنهار نصفه الثاني، قد بلغهم حظهم من التشريع … إنهم يعرفون مواقيت الصلاة واتجاه القبلة، ويعرفون غير ذلك من التشريعات ذات الأثر الفعال في حياتهم كلها.

وثانيهما: أن الله جلت حكمته منح هذه الأمة البقاء إلى آخر الزمان، مع نفاذ سلطانها على العالمين:﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) ﴾الصف … لاحظ: أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره اللام للتعليل أي لعلة ظهور هذا الدين على كل دين عداه، ورغم أنف المشركون. مع قدرة هذا الدين على العطاء الفياض الرحيب.

لقد فرض الله على هذه الأمة أمورا جليلة تساعد على بقائها، فهي ملزمة بتغير المنكر ملزمة بقول الحق ولو أمام سلطان جائر … يحرم عليها الاستكانة للأوضاع الفاسدة. وهكذا … وأثرهم بكل عمل خير يمد في بقائها إلى آخر الزمان، ويشر لهم الأسباب لذلك قال صلى الله عليه وسلم : “إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها“.

ديننا الإسلامي: يساير المتغيرات ويستوعبها، ويواجه المشاكل ويحلها، ويتعامل مع التطورات ويقودها ويوجهها … ويتميز بخاصية البقاء حتى آخر الزمان:﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) ﴾الحجر.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عبدالله أمين: من أسرار الصيام وفوائده

عبدالله أمين: من أسرار الصيام وفوائده 1) عن سلمة بن قيصر قال: قال رسول الله ...