هل رأيت حركة الحياة …! إنها لا تتوقف عند صورة واحدة، ولا عند حركة ثابتة، بل هي دائمة التغير، وفى تطور مستمر.
لا أعنى دوران الليل والنهار، ولا حركة الأيام والسنين، لكنى أعنى أن الحياة في حركة دؤوب … تنمو لا تتوقف، ولا يصبها تعطل ولا ركود، وتأتى مهمة الإنسان كخليفة لله في أرضه، يبذل جهده لتنمو على صفحتها الحياة. وهي بذلك بحاجة إلى خطة أو منهج يساير نموها، ويواكب تطورها، ويستوعب تتابع الأحداث معها.
وهل تجد ذلك إلا في دين الإسلام، الذي جعله الله دينا شموليا يغطى كل احتياجات الإنسان، بل كل احتياجات العالمين.
الإسلام هو ذلك الدين الخاتم، الذي منحه الله للإنسان بعد أن بلغ تمام رشده، هو الدين الذي قال الله تعالى عنه:﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً (3) ﴾المائدة.
جاء رجل من اليهود إلى عمر رضى الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا نزلت معشر اليهود، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. فقال عمر رضى الله عنه: (وأي آية)؟ قال اليهودي:﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ وذكر الآية. فقال عمر: “إني لأعلم اليوم الذي أنزلت فيه، والمكان الذي أنزلت … نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة يوم الجمعة“. رواه مسلم واللفظ له.
معطيات هذه الآية:
-
تتضمن توحيد المصدر، فالذي أكمل الدين بقضايا العقيدة والعبادة والتشريع هو الله … والذي أتم به النعمة هو الله … والذي رضيه لنا على طول الزمان هو الله جل جلاله.
-
وتشير إلى أنه الدين الخالد الباقي ما بقي الزمان، وصورته تلك هي الصورة الأخيرة، ولا يعتريها تحريف ولا تبديل – بحفظ الله – ومن أراد غير ذلك أو سعى إليه رفض منه، قال جل شأنه:﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) ﴾آل عمران.
-
وفيها أن الدين له طبيعة شمولية عالمية، وهو بهذه الخاصية يسمح للحياة أن ترقى وتأخذ كل أطوارها: علميا واقتصاديا واجتماعيا، وكل ذلك في إطاره لا يتعداه.
-
وهذا يعنى أن كل تغير طرأ، أو يطرأ، وأن كل تطور وقع أو يقع، هو في إطاره، محسوب له حسابه عند الله جلت حكمته، فهو بكل شيء عليم:﴿ وما قدروا الله حق قدره ﴾الأنعام؛﴿ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (3) ﴾سبأ.