الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
الإيمان أولا
– الإيمان لغة: التصديق.. اليقين.. ما عقد في القلب . وعبر عن حقيقته اللسان والجوارح تبعًا لذلك.
– وشرعًا: يراد به الاعتقاد الباطني بما ورد من أركان الإيمان( أن تؤمن بالله ، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، ويجب أن يكون مع هذا التصديق إذعان النفس وقبولها وتسليمها بما ورد في الكتاب والسنة ، فآية الإيمان العمل.
– الإيمان حقيقة مركبة من: معرفة ما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم- علما ، والتصديق به عقدا ، والإقرار به نطقا ، والانقياد له محبة وخضوعا ، والعمل به باطنا وظاهرا ، وتنفيذه ، والدعوة إليه بحسب الإمكان ، وكماله في الحب في الله ، والبغض في الله ، والعطاء لله ، والمنع لله ، وأن يكون الله وحده إلهه ومعبوده ، والطريق إليه تجريد متابعة رسوله ظاهرا وباطنا ، وتغميض عين القلب عن الالتفات إلى سوى الله ورسوله)
– والإيمان يقتضي الاحتكام إلى منهج الله:{ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }( النساء: 65)
– الإيمان بالله معناه: إفراده – سبحانه – بالألوهية والربوبية والعبادة – ومن ثم إفراده بالسيادة على ضمير الإنسان وسلوكه في كل أمر من أمور الحياة. والإيمان الصادق هو الثابت المستقر الذي لا يتزعزع، ولا يضطرب. والذي ينبثق منه الجهاد بالمال والنفس، قال تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}( الحجرات: 15).
– والإيمان له تكاليفه حيث يفرض على المؤمن الصبر على البلاء فهو امتحان تمحص فيه القلوب ويثبت فيه من أراد الله به خيرا {الم . أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}( العنكبوت: 1: 3)
– والإيمان بالملائكة يقتضي الإيمان بمرافقتهم للإنسان، ووجوب الحياء منهم.
– وإن حقيقة الإيمان بالكتب هو تطبيقها:{ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ }( الشورى:13).
– وحقيقة الإيمان بالرسل تتمثل في التأسي بهم والسير على طريقهم.
– ومع اليقين باليوم الآخر، يجب الاستعداد لهذا اليوم بالعمل بالإسلام.
– ويجب الإيمان بالقدر، ومعناه: علم الله تعالى وإرادته – سبحانه – الأشياء في الأزل حين توجد أن توجد على صفة كذا وكذا، أو علم الله تعالى بما تكون عليه المخلوقات في المستقبل. والإيمان بالقدر يحقق صحة الإيمان، ويدفع صاحبه للعمل، والأخذ بالأسباب، ويجعله يتحلى بالصبر والرضا.
– والإيمان شعبه كثيرة ?الإيمان بضع وسبعون باباً، فأدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأرفعها شهادة أن لا إله إلا الله). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. باب الإيمان أفضل الأعمال.
– والإيمان قول وعمل ونية يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ولا يجوز القول والعمل والنية إلا بموافقة السنة.
– وللإيمان ثماره في الدنيا والآخرة: ومن ذلك : الأمن ، والسعادة، والهداية ، والحفظ ، والثبات، والدفاع ، والمعية ، والنصر ، والتوفيق .. وغير ذلك.
– لفظا الإيمان والإسلام:
بين علماء الأمة أن الإسلام والإيمان قد يتفقان في المفهوم الشرعي، أو يختلفان أو يتداخلان:
فقد يرد الإيمان والإسلام بمفهوم واحد يحل أحدهما مكان الآخر مثل قوله تعالى:{ فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ . فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}( الذاريات: 35 ،36)وقوله تعالى:{ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ}(يونس: 84)
وأما الاختلاف: فيستدل عليه بقول الحق تبارك وتعالى{ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }(الحجرات: 14)
وأما التداخل: فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – سئل عن الإسلام فقال: أن يسلم قلبك وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك فقال السائل: فأي الإسلام أفضل ، قال: الإيمان ( مجمع الزوائد ج1 ، ص: 59 ) وهذا دليل على الاختلاف والتداخل.
قاعدة: واستخلص بعض العلماء قاعدة: إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا)
بمعنى: أنهما إذا اجتمعا في ذات العبارة أو الجملة أو الجمل المتتابعة افترقا في المقصود من كل منهما فيبقى على أصل اختصاصه الإيمان الاعتقاد والإسلام العمل وأما إذا افترقا اجتمعا فيصير كل منهما بمعنى الآخر.
ويقول د: محمد عبد الله دراز: عن المعنى لهذين اللفظين فيقول: أما في قصد الشارع فإن كلا الأمرين عنده مطلوب وقد جعلهما قوامًا لحقيقة واحدة وهي الدين وناط باجتماعهما مصالح في العاجل وربط بهما أجزية موعودة في الآجل بحيث لا يكفي أحد الأمرين وحده في تحقيق تلك المصالح العاجلة ولا في استحقاق تلك الأجزية الآجلة على وجه خالص لأن الظاهر بدون الباطن كتمثال لا روح فيه بحركة والباطن بدون الظاهر كمريض مقعد تعطلت حركته لعارض فكلاهما قاصر عن تحصيل المصلحة المطلوبة وإن تفاوت المدى ثم الظاهر وحده البته غير مقبول والباطن وحده غير مضمون القبول بل هو مظنة العطب).
حكم كل منهما:
قال الإمام الشافعي: الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح فالمخل بالأول منافق ، وبالثاني كافر ، وبالثالث فاسق.