ماذا يفعل الجيش التركي في العراق

123123_11قطع دوي قذيفة مدفعية هدوء الليل. كان الهدف في بلدة بعشيقة شمالي العراق التي استولى عليها تنظيم داعش في عام 2014. وبعد ثوان من الانفجار تردد صدى انهيار مبنى في داخل الجبل.

استهدف الجيش التركي لعدة أشهر حتى الآن تنظيم داعش مرارًا من المواقع التي يسيطر عليها على بُعد 15 كيلومترًا شمال شرق الموصل.

وقال أحد الجنود الأتراك للمونيتور مشترطا عدم الكشف عن هويته “إن الهدف الرئيس من هذه القاعدة قتال داعش. نشرنا بعض المركبات للدعم الناري من بينها مدفعية ودبابات وقذائف الهاون لتدمير أهداف للتنظيم”.

ووفقا للجندي الذي كان يقرأ من بيان، فإن القوات التركية المنتشرة في شمال العراق لديها أهداف كثيرة لتدميرها تشمل 602 مقاتل، و416 مبنى يستخدمها التنظيم السني المتطرف، و83 عربة مدرعة، و17 موقعا للمدفعية.

وبالإضافة إلى الانخراط المباشر في الحرب على داعش، يدرب الجيش التركي ويسلح قوات الحشد الوطني، وهي في معظمها ميليشا من العرب السنة أسسها أثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق، بالتعاون مع عائلته ذات النفوذ الواسع، والحليف المقرب من تركيا.

وأضاف الجندي التركي “ندربهم على حرب الشوارع التي ستحدث في الموصل في المستقبل القريب، مشيرا إلى أن المقاتلين المحليين زُودوا ببنادق كلاشينكوف الآلية عيار 1974 وذخيرة”.

في بلد تحارب فيه ميليشيات عرقية من أجل الدين، وتتزايد مساحة المنطقة التي تسيطر عليها المجمموعة العرقية، لا يخجل قادة الحشد الوطني من التصريح بجائزتهم النهائية: الاستيلاء على عاصمة داعش الفعلية في العراق. وقال اللواء محمد طحمة طالب الذي يقود الحشد الوطني للمونيتور “إذا دخلنا الموصل، فإن المدينة كلها ستكون لنا.”

ولكي يكون قادرا على الوصول إلى مشارف المدينة، يعمل الحشد الوطني بالتعاون مع جيش إقليم كردستان العراق المعروف باسم قوات البيشمركة الكردية.

ووفقا للجنرال في قوات البيشمركة، بهرام عارف ياسين، من مكانه في معسكر في جبل بعشيقة، فإن القوات الكردية ستستولي على بعشيقة ثم تتقدم نحو الموصل، مما يمهد الطريق أمام المقاتلين المدعومين من أنقرة.

وقال ياسين للمونيتور “سنستعيد المنطقة المحيطة بالموصل، وسنقف على مسافة كيلومترين من المدينة، وعندئذ سنفتح الطريق أمام الحشد الوطني لدخول الموصل.”

النجيفي الذي أقاله أعضاء البرلمان العراقي من منصبه محافظا لنينوى بتهمة الفساد، وبمزاعم تواطئه مع داعش، لجأ إلى المنفي في مدينة إربيل عاصمة إقليم كردستان المتمتع بالحكم الذاتي. ومثل معظم الزعماء السنة عارض النجيفي في البداية منح الحكم الذاتي للأكراد، وعده خطوة أولى نحو الاستقلال التام.

وقال النجيفي للمونيتور “علاقتنا بإقليم كردستان ليست مثلما كانت من قبل، فلدينا الآن علاقات إيجابية، مشيرا إلى قوات البيشمركة، والرئيس الكردي الفعلي مسعود البرازاني.”

وأضاف “إننا ننتظر أن يقوم البيشمركة بدورهم، وعندئذ سيبدأ دورنا.” ويقول النجيفي إن منطقة نينوى لا بد أن تحذو حذو جيرانها الأكراد، وتحول نفسها إلى منطقة تتمتع أيضا بحكم شبه ذاتي.

ووفقا لريناد منصور الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط والحائز على منحة العريان، فإن المصالح الجزئية المشتركة بين تركيا وحكومة إقليم كردستان والنجيفي أدت إلى زواج المصلحة، لتأمين مصالحهم على نحو أفضل في الوقت الحالي، وفي نهاية المطاف خلال الفراغ السياسي الذي سيتبع تحرير الموصل.

وأضاف منصور “إن النجيفي لا يزال يرى أنه سيعود، وأنه سيلقى ترحيبا كبيرا بالعودة إلى الوطن في الموصل… ويبدو أن ذلك نوع من محاولة خوض معركة عسكرية، وحرب سياسية، ومن الواضح أنه يتلقى كثيرا من الدعم. ولذلك فإن لديك هذا المثلث الغريب المكون من النجيفي وبرزاني وتركيا الذي يعمل معا.”

وتابع “تريد تركيا الحفاظ على شكل من أشكال السلطة الإقليمية في هذه الأجزاء. وستضطر لا سيما في الوقت الحالي إلى استخدام وكلاء أكثر من ذلك… تحتاج تركيا إلى الاعتماد على حلفاء، ولديها حلفاء نموذجيون في شمال العراق، البرازاني والنجيفي.”

في عام 1994، اندلعت حرب أهلية بين الفصيلين الكرديين الرئيسيين في شمال العراق: الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو الحزب السياسي التابع للبرزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي تحالف لفترة طويلة مع طهران وأنقرة في الحرب على حزب العمال الكردستاني. مهدت تلك الحرب الطريق أمام وجود تركي مفتوح في بعض القواعد العراقية بتعاون ضمني صريح متدرج من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفقا لتحليل نشره معهد واشنطن.

في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عندما نشرت تركيا قوات إضافية من 150 جنديا، و 25 دبابة بالقرب من مواقع لداعش في بعشيقة دون أن تطلب تصريحا من بغداد، وصف مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، هذا العمل بأنه “انتهاك خطير للسيادة العراقية”، وهدد في وقت لاحق برفع المسألة إلى مجلس الأمن الدولي. في ذلك الوقت قالت إربيل إنها من أعطت أنقرة الحق في استخدام معسكر بعشيقة.

وعلى حين احتضنت أنقرة على مر السنين علاقات اقتصادية وسياسية مربحة مع حكومة إقليم كردستان، فقد قصفت مرارا المجموعات الكردية في تركيا وسوريا، بما فيها وحدات حماية الشعب الكردي، إحدى القوات البرية الرئيسة في قتال داعش.

أدى طرح أنقرة لقيام دولة كردية على أنه يمثل تهديدا أكبر من داعش إلى توجيه اتهامات كثيرة لها بتقديم دعم ضمني لدولة الخلافة المزعومة.

في الرابع من أيلول/ سبتمبر قال بيان للجيش التركي إن مقاتلين من العرب والتركمان تحت لواء الجيش السوري الحر سيطر على المنطقة المتاخمة للحدود التركية بين مدينتي إعزاز وجرابلس، بعد الاستيلاء على 20 قرية من داعش. لكن عدم قدرة تركيا على تطهير المنطقة الحدودية، ومنع تدفق الجهاديين الأجانب من تركيا إلى سوريا كان مدعاة للقلق.

وبينما يستهدف الدعم التركي للجيش السوري الحر المقاتلين الأكراد السوريين، يعمل الحشد الوطني المدعوم من تركيا بالتعاون مع قوات البيشمركة الكردية في تقدمه نحو مدينة الموصل. وقال الجنرال سيروان البرزاني، ابن شقيق مسعود البرزاني الذي يقود جبهة تمتد لـ120 كيلومترا شرق خط المواجهة في الموصل، للمونيتور “إن مقاتلي الحشي الوطني ليسوا جيدين في العمليات الهجومية، ولكنهم من أهل المنطقة، ويصلحون للسيطرة على الأرض.”

بدعم من تركيا بمقدور جيش النجيفي الخاص أن يثبت أنه قادر على خوض معركة انتزاع الموصل التب صارت قريبة. لكن بالنسبة للواء نجم الجبوري قائد عمليات نينوى لاستعادة السيطرة على آخر معاقل داعش في البلاد، يقول إن على الحشد الوطني أن يتبع أوامره.

وقال الجبوري “تحدث إلينا رئيس الوزراء عن الحشد الوطني. وقال إنه يريدهم أن يقاتلوا معنا تحت العلم العراقي وليس تحت علم آخر.”

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...